للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشكوه من الأمور (١) الباطنة، كما يعلم من البهائم والعجم الباطن في بعض الأحوال من غير شكوى.

وعندي: أنَّا نعلم بهذه الطريقة صحة إيمان كثير من الصحابة والتابعين والصالحين، فإنا على يقين من نفي النفاق عنهم علماً ضرورياً، غير قبولِ الظَّاهر، والحمل على السَّلامة المصحوب بالشك عند التشكيك والإصغاء إليه، فإنا نجد قلوبنا جازمة بنفي النفاق عنهم من الإصغاء إلى جانب الشك غاية الإصغاء، وهذا هو الميزان الذي تعرف به العلوم اليقينية من الظنون الغالبة.

قالت هذه الطائفة: فكذلك يعلم النِّفاق بالقرائن الضرورية، وذلك مقتضى مذهب المالكية من أهل السنة، فإنهم يستحلون القتل على ما يدلُّ على الاستهانة بالإسلام، ولو كانت دلالةً بعيدةً، كقتل من سبَّ (٢) صحابياً، أو أحداً من أئمة الإسلام، أو أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال القاضي عياض في آخر كتابه " الشِّفا " (٣) ما يقتضي ذلك، وحكى أن مشهور مذهب مالكٍ في ذلك الاجتهاد والأدب المُوجِعُ.

قال مالك رحمه الله (٤): من شتم النبي - صلى الله عليه وسلم -، قُتِلَ، ومن شتم أصحابه أُدِّبَ، وقال أيضاً: من شتم أحداً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن قال: كانوا على ضلالٍ وكفرٍ، قُتِلََ، وإن شتمهم بغير هذا من مشاتمة الناس، نُكِّل نكالاً شديداً.

ونقل صاحب " العقائد " اختلاف السلف في كُفر الحجاج بن يوسف الثقفي لمثل ذلك، ولكن لم يحضرني.


(١) في (ش): " وكذلك صدق من يشكو الأمور ".
(٢) في (ف): " كمن سبَّ ".
(٣) ٢/ ٢١٤ وما بعدها.
(٤) انظر " الشفا " ٢/ ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>