للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحته أن الصحابة اتَّفقوا على العمل بما هذا حالُه، وأجمعوا على ذلك، وإجماعُهم حجَّةَ، ولهذا فإنهم رجعُوا إلى كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - (١)، وأخذوا كثيراً من الشريعة منه، وعوَّلُوا على مجرَّدِ الخَطِّ لما غلب على ظنهم صحتُه، وأنه بإملاء النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقال الإمام المنصورُ باللهِ -عليه السلامُ- في " المجموع المنصوريِّ "، في الرسالة المعروفة " بالأجوبَة الرَّافِعة للإشكال الفاتحة للأقفال "، وقد أكثر من الاحتجاج بأشياء من سيرة الهادي -عليه السلامُ- ما لفظُه: فإن قيل: من أين لهم صحةُ ذلك؟

قلنا: هو مذكورٌ في سيرته، والرواية من الكتب المشهورة عندنا جائز وإن تعذَّرَ توصيلُ سماعها. فإن قيل: وَمِنْ أين يجوزُ ذلك؟ قلنا: دليلُه كتابُ عمرو بن حزم، فإنّ المسلمين رجعوا إليه وفصَّلُوا به الأحكام وبَعَّضوا القضايا، وليس معهم منه إلا مجرَّدُ الخطِّ والنِّسْبَةِ، وأجمعوا على ذلك، فلذلك قلنا: تجوز رواية الكتب المشهورة التي هي مضافة إليه وإن لم تكن سماعاً مفصَّلاً، فَتَفهَّمْ ذلِك موفَّقاً. انتهي بحروفه.

وفيه ما ترى مِن التصريح بأن الصحابة عَوَّلُوا على مُجرَّدِ الخطِّ لما غَلَبَ على ظنهم صِحته.

وقد احتجَ -عليه السلامُ- في كلاميه هذين بحجتين:

إحداهُما: أن كثيراً من الأخبار والشرائع مبناها على الظَّنِّ. وسيأتي


(١) تقدم تخريجه ص ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>