للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلتُ: وقولُه - صلى الله عليه وسلم - في حديث الرؤيا واختصام الملأ الأعلى: " فَعَلِمْتُ ما في السَّمَاواتِ والأرْضِ " (١).

قال: وهذا مِمّا اتَّفق عليه الأوائلُ مِنَ الحُكماء، فضلاً عَنِ الأولياءِ من الحُكماء الرَّاسخين، القاصرين نظرهم على الاقتباسِ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، المعترفين بقصورِ كُلِّ قوَّةٍ سوى هذه القوة.

الأصل الثاني: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - بلّغَ (٢) الخَلْقَ ما أُوحِيَ إليه من صلاحِ العبادِ


= البَهم، فأقبل طيران أبيضان كأنهما نسران، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: نعم، فأقبلا يبتدراني، فأخذاني، فبطحاني إلى القفا، فشَقَّا بطني، ثم استخرجا قلبي، فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين، فقال أحدُهما لصاحبه -قال يزيد في حديثه-: ائتني بماء ثلج، فغسلا به جوفي، ثم قال: اتني بماء برد، فغسلا به قلبي، ثم قال: ائتني بالسَّكينة، فذراها في قلبي، ثم قال أحدُهما لصاحبه: حصه (أي: خِطْهُ)، فَحَاصَه، وَخَتَمَ عليه بخاتم النبوة، وقال حيوة في حديثه: حصه فحصه وأختم عليه بخاتم النبوة، فقال أحدْهُما لصاحبه: اجعلْه في كَفَةٍ، واجعل ألفاً من أمته في كفة، فإذا أنا أنْظُرُ إلى الألفِ فوقي، أشفق أن يَخِرَّ عليَّ بعضهم، فقال: لو أنَّ أمته وزنت به، لمالَ بهم، ثم انطلقا وتركاني، وفرِقْت فَرَقاً شديداً، ثم انطلقت إلى أمي، فأخبرتُها بالذي لقيته، فأشفقت على أن يكون أُلبس بي، قالت: أعيذُك باللهِ، فرحلت بعيراً لها، فجعلتني -وقال يزيد: فحملتني- على الرَّحْلِ، وركبتْ خلفي حتى بلغنا إلى أمي، فقالت: أوأديت أمانتي وذمتي؟ وحدثتها بالذي لقيت فلم يرعها ذلك، فقالت: إني رأيت خرج مني نوراً أضاءت منه قصور الشام.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي في " المجمع " ٨/ ٢٨٢ بعد أن نسبه لأحمد: وإسنادُه حسنٌ، وله شواهد تُقَوِّيه.
وفي الباب عن حليمة عند ابن هشام في " السيرة " ١/ ١٧١ - ١٧٥، وأبي يعلى ٣٣٣/ ٢ - ٣٣٤/ ١، والطبراني ٢٤/ ٢١٢، وأبي نعيم في " دلائل النبوة " (٩٤)، وكذا البيهقي ١/ ١٣٢ - ١٣٦، وابن حبان (٢٠٩٤)، ورجاله ثقات.
وعن أُبي بن كعب عند عبد الله في زوائد المسند ٥/ ١٣٩، وانظر " مجمع الزوائد " ٨/ ٢٢٣.
وعن شداد بن أوس عند أبي يعلى، وابن عساكر، وأبي نعيم.
(١) هو حديث صحيح، تقدم تخريجه ١/ ٢١٨.
(٢) في (ش): أبلغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>