للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّنُّ إن قلنا: بتخصيص العِلَّةِ، وإن لم نقل به، قلنا: العلة الظن مِن غير المصرح بالفسق، والخارج مِن الملة، ويبطل ذلك الاشكالُ الذي ذكره السيدُ بالمرة، وقد علل الله سبحانه وتعالى كثيراً من الأحكام الشرعية بحكم غيرِ مُطَّرِدٍ (١) - كالفطر في السفرِ في رمضان، فإن التعليلَ بالتخفيف ظاهر في القرآن في قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] عقيب ذكرِ الفطر في السفر والمرض مع أن ذلك لم يَطرِدْ، فمن وقع في أعظم من مشقةِ السفر من الزُّراع وأهلِ الأعمال الشاقة، وأهلِ الجوع والمسكنة، لَمْ يَحِلَّ له الفطرُ لمجرد المشقة، وكذلك القصرُ، فإنه أُبِيحَ للمسافر تخفيفاً ورفقاً ولا يُباح للمريض مع أنه أحوجُ إلى التخفيف.

وقد اختلف الأصوليون في التعليل بالحكم، وجوَّزه غيرُ واحد من المحققين فلا معنى للاحتجاج بما ذكره السَّيِّد في مسألة زعم أنها قطعية، ومنع الخصم من المنازعة فيها، فمثلُ هذا لا يرفع الخلاف ولا يقتضي القطع.

الثاني في بيانِ الأدلة على أن التعليلَ بظنِّ الصدقِ أرجحُ، والدليل على ذلك وجوه:

الحجة الأولى: قولُه تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: ٦] فقوله: {أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} دليل على أن العلة في التبيُّن (٢) خوفُ الخطأ، والرغبة في تحري


(١) في (ش) مطردة.
(٢) في (ب) التبيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>