للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنَّه يجوز العملُ بخبر الفساق بالإجماع في مسائلَ كثيرة قد ذكرتُها في ما تقدم، كخبرهم بطلاق نسائهم مع ما يترتَّبُ عليه من جوازِ نكاحهن لغيرهم من المسلمين، وكذلك إخبارُهم بحل أموالهم وما يترتَّبُ على ذلك من معاملاتهم، وكذلك إخبارُهم بالبيع والوقفِ والطهارةِ والنجاسةِ، وكثيرٍ من الأحكام.

الثالث: أنَّه يجوزُ نكاح الفاسقة بغير الزنى عند أهل المذهب مع ما يترتب على ذلك من جواز قبولِ خبرها عن طهارتِها من الحيض، واغتسالِها منه الغسلَ التام المشروع، وما يترتب على ذلك من جواز وطئها، وما في ذلك من الميل إليها، والإيناسِ لها. فَهذا (١) مما لا يعلم في جوازه خلافٌ، وكذلك نكاحُ الزانية المسلمة عند الجمهور، وهو مذهبُ أئمة الفقهاء الأربعة (٢) وأتباعهم، حكاه عن الجمهور صاحبُ " نهاية المجتهد " (٣)، ورواه السيدُ أبو طالب في " التحرير " عن الهادي عليه السلامُ من أئمة الزيدية.

وأما الآيةُ الكريمة وهي قولُه تعالى: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: ٣] فلا بُدَّ من تأويلها بالإجماع، لأن الزانية المسلمة لا يجوز لها نكاحُ المشرك، والصحيحُ قول ابن عباس: أن المراد لا يزني بها، وأن النكاح هنا: هو اللغوي لا الشرعي. رواه عنه البيهقي في "السنن


(١) لفظ " فهذا " ساقطة من (ب).
(٢) وانظر " المغني " (٦/ ٦٠١) لابن قدامة.
(٣) ٢/ ٤٠، لمؤلفه الإمام أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، المتوفى سنة ٥٩٥ مترجم في " سير أعلام النبلاء " ٢١/ ٣٠٧، رقم الترجمة (١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>