" سنن أبي داود " ومِن الفروع الإجماع، وأن يكون قد قال في المسألة قائل، ومِن أصولِ الدين أن يعرفَ الله تعالى، وما يجوزُ عليه وما لا يجوز، ومِن أصولِ الفقه ما يُمكنه أن يردَّ الفروعَ إلى الأصول، وَيعْرِف المجمَلَ، والمبيَّن، والعامَّ والخاصَّ، والناسخَ والمنسوخَ، وأن يكونَ معه طرفٌ مِن النحو ليعرف الأوامرَ والنواهي، وطرفٌ من اللُّغَةِ. هذا كلام الفقيه علي بن يحيى في تعليقه على " اللمع "، الذي هو مِدْرَسُ أفاضل علماء الزيدية.
فلم يزَلِ الأفاضِلُ يتدارَسُونَ هذا الكتاب، وهذا التعليقَ، ويُملون ما فيه على طلبة العلمِ في مساجد الزيدية، وحلق الذكر، ولم يُعْلَمْ أن أحداً من علماء الزيدية أنكر هذا التمثيل لسنن أبي داود، وقال: إنها لا تُحيط بالحديِث، ولا قال: إنها كتاب كافر تصريح، وإن راويها غيرُ مقبول.
وقال القاضي العلاَّمة عبدُ الله بن حسن الدوّاري -رحمه الله- في " تعليق الخلاصة "(١) في صفة المجتهد: والعلم بأخبارِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يكفي في ذلك كتابٌ مما يشْمَلُ الأحاديثَ المتعلِّقة بالأحكام، كأصولِ الأحكام، أو أحد الكتب الصحيحة المشهورة. انتهى. وفيه ما ترى مِن نصِّ هذا العالِم الجليلِ على ما بالغ السَّيِّد في إنكاره من صِحّة هذه الكتُب، وعلى خلاف ظاهر كلامه في وجوب الإحاطة بصحيح الأخبار.
وقال الفقيه العلامة عليُّ بن عبد الله بن أبي الخير -رحمه الله- في تعليقه على " الجوهرة " ما لفظُه: أما الكتابُ، ففيه تحقيقان:
(١) واسمه " جوهرة الغواص وشريدة القناص " منه نسخة في المكتبة الغربية بجامع صنعاء انظر الفهرس ص ١٥٣ - ١٥٤. توفي مؤلفه سنة ٨٠٠ هـ مترجم في " البدر الطالع " ١/ ٣٨١ - ٣٨٢.