للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيات في الحث على الصدقة، ونظيرها قوله بعد ذكر الصدقة: {الشيطان يعدُكُم الفقر} [البقره: ٢٦٨]، قال الواحدي: يعني بسبب الصدقة: {ويأمرُكم بالفحشاء} قال الواحدى: يريد البخل، {والله يعِدُكُم} في الصدقة {مغفرةً منه} في الآخرة: {وفضلاً} في الدنيا، {والله واسعٌ عليمٌ}.

وأول هذه الآية يدلُّ على تفسير الواحدي، وآية التغابن في ذلك صريحة، غير محتاجة إلى تفسيرٍ، ولله الحمد.

الآية الموفية عشرين: قوله تعالى في النجم -وهي مكية-: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النجم: ٣١ - ٣٢]، وهي من جنس ما تقدم، لأنه وعد الذين أساؤوا بالجزاء بما عملوا من خيرٍ وشرٍّ، وإن كان شرُّهم محبِطاً لخيرهم، وأما الذين أحسنوا (١)، فلم يعدهم أن يجزيهم إلا بالحسنى، لا بكل عملٍ من خيرٍ وشرٍّ، لأن سيئاتهم مكفَّرةٌ، أو مغفورةٌ، ولا يتصور أنه لا سيئة لهم، وآدم يقول: {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: ٢٣]، ونوح يقول: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: ٤٧]، ونحو ذلك مما يطول شرحه.

وأما اللَّمَمُ، فقد ثبت في اللغة أن اللمم: القليل، وقال الزمخشري في " الكشاف " (٢) اللمم: ما قلَّ وصَغُرَ، وهو يُخالف مذهبهم في مغفرة الصغائر، وإن كثرت. ثم ذكر الشواهد على ذلك، فلم يأت بشاهدٍ واحدٍ على الصِّغر، وإنما هي كلها في القِلَّةِ، فمنها قول الشاعر:

لقاءُ أخِلاَّءِ الصَّفاء لِمَامُ ... وكلُّ وصالِ الغَانياتِ ذِمامُ

ومنها: اللمم: القليل من الجنون، ومن ذلك ألمَّ بالطعام: إذا أخذ منه


(١) في (ف): " آمنوا ".
(٢) ٤/ ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>