للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: سمعته (١)، أو أخبرني أو حدثني؟ واختار أنه محمولٌ على السماع، وأن ذلك ينبني على عدالة الصحابة.

قلت: قد ادعى ابن عبد البر (٢) الإجماع على قبول مُرْسَلٍ الصحابي، وعلَّل ذلك بتحقُّق أن الواسطة المحذوف صحابيٌّ، وأن الصحابة كلهم عدولٌ، وهذا ظاهرٌ على أصول المحدِّثين دون المعتزلة، وكذا متى جوز أن الواسطة غير صحابي مثل هذا الحديث ولا إجماع.

وذكر ابن حجرٍ أنه قد يكون بينه - صلى الله عليه وسلم - وبين الصحابي وسائطُ كثيرةٌ، ذكره في " علوم الحديث ".

فاحتمل حينئذٍ أن يكون أبو هريرة سَمِعَه من عكرمة عن ابن عباس، فرواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعضله بذلك، كما حذف الفضل في حديث " من أصبح جُنباً " وهذا احتمالٌ قريبٌ، فكيف تُعارَضُ الآيات القرآنية التي لا يأتي عليها العدد، وما لا يُحصى من الحديث الذي لا علَّةَ له بمثل هذا من لا يلتفت إلى الأخبار التي لا مقال فيها، ويعتذر عن متواتراتها بأنها آحادٌ، حتى إذا احتاج إلى آحادها المُعَلَّة على قواعده، احتج بها، فما هذا عمل العارفين، ولا عمل المُتناصفين، فالله المستعان.

ويؤيد ما ذكرته من الاحتمال أن المِزيَّ ذكر (٣) في ترجمة فُضيل بن غزوان، عن عكرمة عن ابن عباسٍ من " الأطراف " (٤) ما يدلُّ على اضطراب عكرمة فيه، كما تقدم، فرواه مرَّةً عن أبي هريرة موقوفاً، ومرة عن أبي هريرة وابن عباس وابن عمر مرفوعاً، وفى الأكثر عن ابن عباسٍ، فلعله رواه لأبي هريرة وابن عُمَرَ، ثم سمعهما يرويانه مرسلاً، فرواه عنهما تقويةً لمذهبه، وقد روى عنه البخاري في


(١) " سمعته " ساقطة من (ف).
(٢) في " التمهيد " في حديث ابن عمر في المواقيت كما ذكره المؤلف في " تنقيح الأنظار ".
(٣) " ذكر " ساقطة من (ش).
(٤) ٥/ ١٦٠ - ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>