للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان بعموم قدرة الرب عز وجل، ولا أعظم في الدلالة على ذلك من قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: ١٢].

وكذلك قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُون} إلى قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد: ٢ - ٤].

كل هذه الآيات استدلالٌ على عظيم قدرته وعمومها ليدخُلَ في ذلك ما شك فيه المشركون من قدرته على الإعادة، كما احتجَّ بهذه الأشياء في آخر سورة يس على ذلك، فأمَّا حكمة الله في الجملة، فلم تَخْتَص المعتزلة بالمحافظة عليها.

فصل: ولما تواترت هذه النصوص الشرعية كما مر، وكما يأتي في مسألة الأقدار، افترق أهل الملة ثلاث فِرَقٍ.

الفرقة الأولى: الذين أقروا بالآيات والأخبار على ما وردت، ولم يتأوَّلُوا ما وصف الله به نفسه من المحبة والرضا، ولا من نفوذ الإرادة والمشيئة، وقضوا بأنه سبحانه يحب الطاعات كلها، محبة حكمةٍ لا شهوة، ولذلك لا يقع منها إلا ما دعتِ الحكمة إلى وقوعه، وأنه تعالى يكره المعاصي كلها كراهة حكمة بالنظر إلى الوجه الذي قَبُحتْ من جهته، لا كراهة عجزٍ بالنظر إلى الوجه الذي لو شاء لمنعها، ولطف بأهلها من جهته، ولذلك لم (١) يقع منها ما لم يُرِدْ سبحانه هداية فاعله الخاصة لما سيأتي ذكره من حكمه التي بين منها كثيراً، واختص منها (٢) بعلم ما شاء.


(١) " لم " ساقطة من (أ).
(٢) من قوله: " سبحانه " إلى هنا ساقط من (ش)، وفيه: ما لم يرد وقوعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>