للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالمستجير من الرَّمضاء بالنار (١).

لا بل كالمستبدل الظلماتِ بالنور، والمشتري الضلالةَ بالهُدى.

وتلَخص أيضاً أنهم حافظوا على تعيين وجه الحكمة في المتشابه، ولم يرد الشرعُ بالأمر بذلك، بل لم يأذن فيه، بل ذم متبعيه كما يأتي في آخر الأقدار.

وأهل السنة حافظوا على أمرٍ ورد الشرع بتعظيم المحافظة (٢) عليه، وهو


(١) عجز بيت صدره:
المستجير بعمرو عند كربته
قال البكري في " فصل المقال " ص ٣٧٧: أصل هذا المثل، وأول من نطق به التِّكلام الضبعي، وذلك أن جساس بن مرة لما طعن كليباً -وهو كليب بن وائل- استسقى عمرو بن الحارث ماء، فلم يسقه، وأجهز عليه، فقال التِّكلام في ذلك.
المستغيثُ بعمرٍو عند كربته ... كالمستغيث من الرمضاء بالنار
وربما أنشدوه:
كالمستغيث من الدعصار بالنار
والدعصار: الأرض السهلة المستوية تصيبها الشمس فتحمى، فتكون رمضاؤها أشد حرّاً من غيرها.
قال الرمخشري في " المستقصى " ٢/ ١٩ في شرح المثل: " تجاوزت الأحصّ وشبيثاً ": هما ماءان، وأصله أن جساس بن مرة لما ركب ليحق كليباً، أردف خلفه عمرو بن الحارث بن ذهل بن شيبان، فلما طعنه وبه رمق، قال له:
أغِثْني يا جساسُ منك بشربةٍ ... تعود بها فضلاً عليَّ وأنعمِ
فقال له جساس: " تجاوزت الأحص وشبيثاً " أراد: إنك تباعدت عن موضع سقياك، ثم نزل عمرو، فحسب أنه يسقيه، فلما علم أن نزوله للإجهاز عليه، قال:
المستجير بعمرٍو عند كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنار
قلت: يضرب هذا المثل لمن فر من خَلَّةٍ مكروهة، فوقع في أشد منها، ومثله قولهم: فر من المطر، فوقع تحت الميزاب.
(٢) في (ش): بالمحافظة.

<<  <  ج: ص:  >  >>