للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتبهم، فغيرُ ذلك، ولكنَّ بعضَهم قد يُطْلِقُ القولَ بعدالة الصَّحابة عموماً، لعُمومِ الثَّناء عليهم في القرآن والسُّنَّة، ثمَّ يَخُصُّون هذا العموم عند ذكر المجاريح المصرّحين مِنَ الصَّحابة، مثل الوليد بن عقبة (١)، وبُسْرِ بن أرطاة (٢) كما سيأتي، كما خصَّه الله تعالى ورسولُه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: ١١]، وحدَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِسْطَحاً (٣) وغَيرِه على الإفْكِ، مع أنَّ مِسْطَحَاً بدريٌّ مِنْ خيرِ الصَّحابة، وكذلك حَدَّ عُمَرُ أبا بَكْرَةَ وصاحبيه على قَذْفِهِم للمغيرة، وجرَّحهم في الشَّهادة والرِّواية، وأقرَّته الصَّحابَةُ (٤)، وحدَّ منهم جماعة في


(١) انظر ترجمته في " السير " ٣/ ٤١٢ - ٤١٦.
(٢) انظر ترجمته في " السير " ٣/ ٤٠٩ - ٤١١.
(٣) هو مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي المطلبي المهاجري البدري.
روى الإمام أحمد ٦/ ٣٥ من طريق ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة، قالت: لما نزل عُذري، قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك وتلا القرآن، فلمَّا نزلَ أمرَ برجلينِ وامرأةٍ فضربوا حدهم. وأخرجه أبو داود (٤٤٧٤) و (٤٤٧٥)، والترمذي (٣١٨١)، وابن ماجه (٢٥٦٧)، والنسائي في "الكبرى" كما في " التحفة " ٢/ ٤٠٩. وقال الترمذي: هذا حديث حسن، ووقع عند أبي داود تسميتهم حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش.
ولما نزل القرآنُ في براءةِ الصديقةِ بنتِ الصديق، قال أبو بكر رضي الله عنه -وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره-: واللهِ لا أنفقُ على مسطح شيئاً بعد الذي قال لعائشة ما قال، فأنزَلَ الله: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قال أبو بكر: بلى واللهِ إني أُحِبُّ أن يغفرَ اللهُ لي، فَرجَعَ إلى النفقةِ التي كان ينفقُ عليه، وقال: واللهِ لا أنزعها منه أبداً. انظر البخاري (٤٧٥٠). توفي مسطح سنة أربع وثلاثين رضي الله عنه.
(٤) في البخاري ٥/ ٢٥٥ في الشهادات، باب: شهادة القاذف، وجلد عمرُ أبا بكرة وشبل بن معبد، ونافعاً بقذف المغيرة، ثم استتابهم، وقال: من تاب، قبلت شهادته.
وَوصَلَهُ الشافعيُّ في " الأم " ٧/ ٤١ قال: سمعتُ الزُّهري يقولُ: زعَمَ أهلُ العراق أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>