وأخرجَه ابنُ جرير في " جامع البيان " ١٨/ ٧٦ من طريق ابن إسحاق، عن الزهري، عن سعيدِ بنِ المسيب أتم من هذا، ولفظه: أن عمر بن الخطاب ضربَ أبا بكرة، وشبلَ بن معبد، ونافعَ بن الحارث بن كلدة حدَّهم، وقال: منْ أكذبَ نفسه، أجزْتُ شهَادته فيما أستقبلُ، ومنْ لم يفعلْ، لم أُجِرْ شهادته، فأكذب شبلٌ نفسه ونافعٌ، وأبَى أبو بكرة أنْ يفعل. قال الزهريُّ: هو واللهِ سُنة، فاحفظوه. وأخرجه سليمانُ بنُ كثير، عن الزهريِّ، عن سعيد بنِ المُسَيِّب أنَّ عمر حيث شهد أبو بكرة، ونافع، وشبل على المغيرة، وشَهِدَ زيادٌ على خلافِ شهادتهم، فجلَدَهم عمرُ، واستتابهم، وقال: مَنْ رَجَعَ منكم عن شهادته، قبلتُ شهادته، فأبى أبو بكرة أن يَرْجِعَ. أخرجَهُ عمرُ بنُ شبة في " أخبار البصرة " من هذا الوجه. وساقَ قصة المغيرة هذه من طرقٍ كثيرة، محصلُها أنَّ المغيرة بن شعبة كان أمير البصرة لعمر، فاتهمه أبو بكرة -وهو نفيع- الثقفي الصحابي المشهور، وكان أبو بكرة، ونافع بن الحارث بن كَلَدَةَ الثقفي، وهو معدودٌ في الصحابة. وشِبْلٌ -بكسر المعجمة، وسكون الموحدة- ابن معبد بن عتيبة بن الحارث البجلي، وهو معدود في المخضرمين، وزياد بن عبيد الذي كان بعد ذلك يقال له: زياد بن أبي سفيان، إخوة من أُمِّ أمهم سُمية مولاة الحارث بن كلدة، فاجتَمعُوا جميعاً فَرَأوُا المغيرةَ مُتبطِّنَ المرأةِ، وكان يقالُ لها: الرقطاءُ أُمُّ جميل بنتُ عمرو بن الأفقم الهلالية، وزوجُها الحجاج بن عتيك بن الحارث بن عوف الجشمي، فرحَلُوا إلى عمر، فشكوه، فعزله، وولى أبا موسى الأشعري، وأحضرَ المغيرة، فَشهِدَ عليه الثلاثةُ بالزنى، وأما زيادٌ، فلم يبُتَّ الشهادة، وقال: رأيتُ منظراً قبيحاً، وما أدري أخالطها أم لا، فأمر عمرُ بجلدِ الثلاثة حدَّ القذف، وقال ما قال. وأخرج القصة الطبراني (٧٢٢٧) في ترجمة شبل بن معبد، والبيهقي ٨/ ٢٣٤ و٢٣٥ من رواية أبي عثمان النهدي أنَّه شاهدَ ذلك عند عمر، وإسناده صحيح. ورواه الحاكمُ في " المستدرك " ٣/ ٤٤٨ - ٤٤٩ من طريق عبد العزيز بن أبي بكرة مطولاً، وفيها: " فقال زياد: رأيتهما في لِحافٍ، وسمعتُ نفساً عالياً، ولا أدري ما وراء ذلك ".