للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظهرُ، فهذا مِنْ جملة اضطراب الرَّاوي في متن الحديث. على أنَّهُ قد رُوي له شواهد مع ضعفها عن رَجُلٍ صحابِيٍّ، وعن ابنِ المسيب، وعن بلالِ ابن الحارث، وعن أبي ذرٍّ موقوفاً عليه، وفي كُلٍّ منها مقالٌ، رواه أبو داود عن ابن المسيِّب، عن رجلٍ من أصحاب النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه أتى عُمَرَ، فَشَهِدَ عنده أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الَّذي قُبِضَ فيه ينهى عَنِ العُمرة قبْلَ الحجِّ، وعن حَيْوَةَ عن أبي عيسى الخُراساني سليمان بنِ كيسان، عن عبدِ الله بنِ القاسم، عن ابن المسيب به.

وقد تقدم في الحديثِ التاسعَ في القسم الأوّل أن معاويةَ روى أنّه قَصَّرَ منْ شعر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الودَاعِ بعد عُمرته، مُتَّفَقٌ على صحَّته عنه، رواه الجماعة كلُّهم عنه (١) مِن حديثِ ابنِ عباس عنه، وليس عندهم لابنِ عباس عنه سواه، وهو الحديثُ الذي كان ابنُ عباس يقوله فيه: أمّا هذه فإنَّها على معاوية لا له، لأنَّه كان ينهى عَنْ مُتْعَةِ الحجِّ، وكان ابنُ عبَّاس، وعليٌّ عليه السَّلامُ، وجمهورُ الصَّحابة يُفْتُونَ بها، وكان عمر يُصَرِّحُ أنَّه رَأيٌ منه.

وفي حديث معاوية ذلك دِلالَةٌ على أنَّ التَّمَتُع بالعمرة إلى الحجِّ جائز، وأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان متمتِّعاً، وقد مضى أنَّه قولُ جماعةٍ كثيرةٍ مِنَ الصَّحابة، وَمَنْ بعدهم، وفيه تضعيفٌ لحديثه هذا في النَّهْيِ عن جمعٍ بين حجٍّ وعُمرة، فهذا مُنْكَرٌ جِدّاً، مُخالِفٌ لِمَا في الصِّحاح في مُتعة الحجِّ، وأنَّها لِأبَدِ الأبَد مما ذِكْرُه يَطُولُ (٢).


(١) عبارة " رواه الجماعة كلُّهم عنه " ساقطة من (ب).
(٢) انظر الأحاديث التي فيها الأمرُ بفسخ الحج إلى العمرة وتخريجها في " زاد المعاد " ٢/ ١٧٨ - ١٨٩ بتحقيقنا مع صاحبنا الأستاذ عبد القادر الأرنؤوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>