للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبسبب إيثاري لذلك، وسلوكي تلك المسالك، أنَّ أولَ ما قرعَ سمعي، ورسخَ في طَبْعِي: وجوبُ النظرِ والقول بأن من قلَّدَ في الاعتقاد، فقد كفر، فاستغرقت في ذلك حدَّةَ نظري، وباكورةَ عمري، وما زلت أرى كُل فرقة من المتكلمين تُداوي أقوالاً مريضة، وتُقَوِّي أجنحة مهيضة، فلَمْ أحْصِّل على طائل، وَتَمَثلْت فيهم بقول القائل:

كُل يُدَاوِي سَقِيماً مِن مَقَالَتِهِ ... فَمنْ لَنَا بِصَحِيحِ مَا بِهِ سَقَمُ

فرجعت إلى كتاب الله، وسُنةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقلت: لا بد أن يكون فيها بَراهِينُ، وردُود على مخالفي الإسلام، وتعليم وإرشاد لمن اتَّبَعَ الرسولَ -عليه أفضلُ الصلاة والسلام-.

فتدبرتُ ذلك، فوجدت الشِّفاءَ كُله: دِقه وجِله، وانشرحَ صدري، وَصَلُحَ أمري، وزال ما كنت به مُبتلى، وانشدتُ مُتمَثِّلاً:

فألْقَتْ عَصَاهَا واسْتقَرتْ بها النَّوى ... كما قَرَّ عيناً بالإيَاب المُسَافِرُ (١)

وعرفتُ بالتجربة (٢): صحةَ ما رواه علي -عليه السلام- عن


= ذكرهما الشهرستاني في أول كتابه " نهاية الإقدام " وفي ٤/ ٢٧٥ في ترجمة الشهرستاني: وذكر في أول كتاب " نهاية الإقدام " بيتين وهما: لقد طفت ... الخ ولم يذكر لمن هذان البيتان، وقال غيره: هما لأبي بكر محمد بن باجه المعروف بابن الصائغ الأندلسي.
(١) في " اللسان ": عصا، يضرب البيت مثلاً لكل من وافقه شيء فأقام عليه، وأصله أن امرأة كانت لا تستقر على زوج، فكانت كلما تزوجها رجل لم تواته، ولم تكشف عن رأسها، ولم تلق خمارها، وكان ذلك علامة إبائها وأنها لا تريده، ثم تزوجها رجل فرضيت به، وألقت خمارها، وكشفت قناعها.
والبيت في " البيان والتبيين " ٣/ ٤٠ منسوب لمُضرِّس بن ربعي في لقيط الأسدي، كان معاصراً للفرزدق، ونسبه الآمدي لمُعقِّر بن حمار البارقي، وقال ابن بري: هو لعبد ربه السُّلمي، ويقال: لسليم بن ثمامة الحنفي.
(٢) كأنه يريد صحة معنى ما رواه علي وتطابقه في الواقع، وهذا حق لا ريب فيه، ولا =

<<  <  ج: ص:  >  >>