للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأساليبِ النُّظَّار (١) أَقَلُّ غُلُوَّاً مِنْ أهلِ المعارف الضَّروريَّة مِنْ علماء الكلام، لأنَّ هذه (٢) الطائفة (٣) من المتكلِّمين زعموا أنَّ العلمَ بالله تعالى ضروريٌّ غير محتاجٍ إلى النّظَر، وهم -مع ذلك- يُبِالغونَ في نفيِ التَّشبيه بأجمعهم. وقد تقدَّم حكايةُ النَّواوي لذلك عنهم في ذكر براءةِ أحمدَ بنِ حنبل مِنْ ذلك، وعلى هذه الطريقةِ كان أئِمَّةُ العِتْرَة القُدَماء، وأئمَّةُ الفقهاء الأربعة، وجماهيرُ حُفَّاط الحديث، وأئِمَّة الفقه، والتفسير، وعلوم الشَّريعة. ولذلك لا نجدُ لهم في علم الكلامِ ذكراً بنفيٍ ولا بإثبات (٤).

فهؤلاء الإقدامُ على تكفيرهم كالإقدامِ على تكفير أصحابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتابعيهم بإحسان، إذ لا مستند لمَنْ يكفِّرُهم إلاَّ عَدَمُ خوضهم في الكلام، وعَدَمُ تصريحهم بتأويل المتشابه، وهذه العلَّة حاصلةٌ في الصحابة والتَّابعين، وذنبُ المكفر لهذه الطَّائفة من المسلمين (٥) هو ذنبُ الخوارج، بل أقبحُ، لأنَّ أصلَ مذهب الخوارج تكفيرُ المسلمين بالذنوب، وإن غَلِطُوا فيما يعتقدونه ذنباً، وأصل هولاء تكفير المسلمين بسبب الإِيمانِ الصَّادر عن غيرِ تحريرٍ لطرائقهم في الاستدلالِ، وهذا يَعُمُّ الصحابة، والتَّابعين، والصَّالحين، وقد ورد في الخوارج بسببِ تكفيرِ المسلمين مِنَ التَّشديد ما لم يرِدْ في غيرهم، فنعوذُ بالله من غضب الله.

وقد نصر هذا القولَ الفقيهُ العلاَّمَة المحدِّثُ محمدُ بن منصورٍ الكوفي (٦) الشيعيُّ محبُّ آل محمدِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم،


(١) في (ش): الناظر.
(٢) في (ش): هذا.
(٣) ساقطة من (ش).
(٤) في (ب): إثبات.
(٥) " من المسلمين " ساقطة من (ب).
(٦) تقدم التعريف به في ٢/ ٤٠٣، وانظر " تاريخ التراث العربي " ٣/ ٣٣٣ - ٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>