للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجَوْرِ، وليس يمكنه السؤال إلاَّ بضربٍ من المخالطة.

الوجه الثاني: العموم القرآني، وهو قول الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون} [الممتحنة: ٨ - ٩]. فهذه الآية الكريمة تُخَصِّصُ العمومات (١) الواردة في هذا الباب، وتبيِّنُها.

وقد ذكر الزمخشري في " الكشاف " (٢) أن المعنى: لا ينهاكم عن مبرَّة هؤلاء، وإنما ينهاكم عن تولِّي هؤلاء. قال في " الكشاف ": وهذا رحمةٌ لهم لتشدُّدهم وحدهم في العداوة، حيث رخَّص لهم في صلة من لم يجاهر منهم (٣) بقتال المؤمنين، وإخراجهم من ديارهم. انتهى.

فإذا كان هذا في صلة الكفار والبِرِّ بهم، فكيف في الوفادة عليهم، وأخذ أموالهم (٤)؟ فإنه ليس في ذلك شيءٌ من البر والإعانة لهم، بل هو في الحقيقة أذيَّة لهم، وتقليلٌ من أموالهم التي ينفقونها في السرف والمعاصي، فكيف في الوِفادة على ملوك المسلمين الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، مع الإجماع على جواز محبة العاصي لخَصْلَةِ خيرٍ فيه، ولا أعظم في خصال الخير مِنْ قول: لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله، كما ثبت في الحديثِ الصحيح (٥).

الحجة الثالثة: فعل يوسف عليه السلام مع عزيز مصر، وليس فيها إلاَّ أنه


(١) في (ش): " العموميات ".
(٢) ٤/ ٩١.
(٣) " منهم " ساقطة من (ف).
(٤) من قوله: " وإخراجهم من ديارهم " إلى هنا، سقط من (ش).
(٥) انظر ٥/ ٣٠٦ ت (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>