للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرٍ منهم: وهي رؤوس مكاسب الخير، كما ثبت في الحديث الصحيح في فضائلها، كيف يلزم أهل السنة محذور من اشتراط خبرٍ منكرٍ مع الإيمان اللغوي الذي لم يَخْلُ منه الشيطان الرجيم، وأكفر أتباعه الجاحدين والبراهمة، واليهود، والنصارى المترجم عنهم بالمغضوب عليهم، والضالين في فاتحة كتابنا المبين، التي يقرأ بها كل مُصلٍّ من المسلمين، وأحاديث الشفاعة التي هي من جملة أدلة أهل الرجاء مصرِّحَة بأنهم من أهل النطق بالشهادتين، وذلك رأسُ الخيرات المكسوبات، وهو يهدِمُ ما قبله، لِعِظَمِ محلِّه من جميع المُهلكاتِ.

فبان أن هذه الآية من جملة حُجج أهل السنة، وهي كقوله تعالى: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن} في غير آية كما أوضحناه، والقرآن يفسِّر بعضه بعضاً والحمد لله رب العالمين.

على أن الذي ذكره الشيخ غيرُ قاطعٍ، فقد اعترضه ابنُ الحاجب، وقال: إن المعنى: أو كسبت في إيمانها خيراً لم تكن كسبت من قبْلُ، كأنه قال: لا ينفع نفساً إيمانُها أو كسبُها، كقوله:

لَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عيني (١)

أي: وقرارها، وإنما حذفه إيجاراً، لتقدُّم ذكره مع استوائهما (٢) في الحاجة إلى الاختيار في شرط التكليف مثلما حذف الصبر في قوله: {إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا}


(١) هو صدر بيت، وعجزه:
أحب إلي من لبس الشفوف
وهو من قصيدة لميسون بنت يحدل الكلبية مطلعها:
لبيتٌ تخفق الأرواح فيه ... أحبُّ إليَّ من قصرٍ منيف
وهو في " الكتاب " ١/ ٤٢٦، و" خزانة الأدب " ٨/ ٥٠٣، و" المقتضب " ٢/ ٢٧، و" شرح شواهد المغني " ٥/ ٦٥.
(٢) في (ف): " استوائها ".

<<  <  ج: ص:  >  >>