للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ميَّزَ (١) القاضي أبو بكر بن العربي الفقيه المالكي بين الفِرقِ المجتمعة في الاسم، المفترقة في المعنى، وبيَّنها على التفصيل في كتاب " المشكلين "، وعلى التجميل في " عارضة الأحوذي في شرح (٢) الترمذي " (٣) فقال: إن الروافض عشرون فرقةً من النيف والسبعين، منهم فرقةٌ واحدةٌ ليست من فرق الإسلام، والقدرية عشرون فرقة، منهم فرقتان ليستا (٤) من فرق الإسلام.

فثبت أنه لا موجب لتأويل كلام صاحب الشرح فيما (٥) نقل عن الأشعرية أنهم يُثبتون الاختيار للعباد، وهم أقرب فرق أهل السنة إلى الجبر كما يأتي، فكيف (٦) بغيرهم من أهل الحديث والآثار!

الوجه الثاني: أن هذا التأويل الركيك يُبْطِل كون ما ذكره صاحب الشرح جواباً ثالثاً على الأشعرية غير الجوابين الأولين عليهم، فإنه أراد بهدا الجواب نقض قولهم: إنهم مُجْبَرُون لا فِعْلَ لهم، وردَّ دعواهم أن هذا مذهبهم إن فرضنا أنهم ادعوا ذلك، فلو كان غرضه أنا مريدون غير مختارين، لم يكن نقضاً لدعواهم المقدرة في أن مذهبهم الجبر، وهذا قاطعٌ جليٌّ لا يمكن المتأول دفعه، فإن إرادتنا من غير اختيارٍ لا تغني عنا شيئاً، فالمريض قد يريد العافية، ولا يقدر على تحصيلها باختياره، والهارب من السبع عند الاضطرار يريد الهرب ولا يقدر على تركه باختياره عند الجميع.

الوجه الثالث: أن الاختيار والإرادة لفظان مختلفان، وقد ثبت أحدهما (٧) مع انتفاء الآخر كما ذكرنا في المُضْطَرِّ إلى الهرب من السبع، وسيأتي بيان ذلك على مذهب المعتزلة والأشعرية في المرتبة الخامسة في الفرقة الأولى.


(١) في (ش): عبَّر.
(٢) تحرف في (ش) إلى: شيوخ.
(٣) ١٠/ ١٠٩ - ١١٠.
(٤) في (ش): ليست.
(٥) في (ش): حيث.
(٦) ساقطة من (ش).
(٧) في (ش): وقد ثبت أن أحدهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>