للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديثاًً، يعتمدُون عليه، ويفزعون في مُهِمَّات هذا الباب إليه، كما قال الحافظ يعقوبُ بنُ سفيان (١): ولا أعلم في جميعِ الكُتُبِ كتاباً أصحَّ مِن كتابِ عمرو بنِ حزمٍ، كان أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - والتَّابعونَ يرجعُون إليه وَيَدَعونَ آراءهم.

وقال سعيدُ بنُ المسيِّب: قضى عُمَرُ بنُ الخطَّاب في الإبهام بخمس عشرة، وفي التي تليها بعشرٍ، وفي الوَسَطٍ بعشرة، وفي التي تلي الخِنصر بتسع، وفي الخِنصر بستٍّ، فلما وُجِدَ كتابُ عمرو بن حزم وفيه: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " وفي كُلِّ أصْبُعٍ مما هنالك عَشْرٌ من الإبل " صاروا إليه. رواه الشافعيُّ والنسائيُّ (٢)، وهو صحيح إلى سعيد بن المسيِّب. فهذه هي الطريقُ الثانية المرسلة.

واعلم: أنَّ المنصورَ بالله -عليه السلام- قد احتجَّ بهذا الحديثٍ، وأشار في الاحتجاج به إلى الاعتماد على الإجماع على العمل به، وذلك واضح في كلامه، وقد طابقه على ذلك الحافظُ يعقوبُ بنُ سفيان، ونسب العملَ بِهِ إلى الصحابة والتابعين، وكذلك الحافظ ابنُ كثير البُصْرويِّ، فإنه ذكر ما هو في معنى دعوى الإجماع، كما تقدم. وقد خالف جماعةٌ من الحُفَّاظِ في بعض طُرُقِ هذا الحديثِ، وذلك لا يضُرُّ بعدَ ثبوتِ الإجماع على العمل به، ولعلَّهم لم يَعْرِفُوا هذا الإجماعَ، ومن عرف حجةٌ على من لم يعرف، إلا أن يكون خِلافُهم مخصوصاً بتلك الطريق مع الاعتراف بصحة الحديث من غيرها، فلا إشكالَ حينئذٍ. فهذا الكلام انسحب مِن


(١) في كتابه " المعرفة والتاريخ " ٢/ ٢١٦.
(٢) مسند الشافعي ٢/ ٢٧١، والنسائي ٨/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>