للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ألزموا مع توسعة الوقت في الواجب (١) أن تكون المصلحة المفعولة بعده واقعةً بعد خروج وقته الموسَّع، إذ لو جاز وقوعها قبله قبُحت التوسعة، ومنع (٢) ذلك، فيلزم الأمان من الموت في أول وقت الصلاة إلى آخره في حقِّ من صلَّى أو عزم على الصلاة، والمعلوم بالحسِّ خلاف ذلك كله.

وأيضاً فقد أمر الله تعالى بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم بنصِّ كتاب الله، ولا موجب لتأويله بقثل بعضهم بعضاً، وعلى تسليمه، فصبر المقتول للقتل واجبٌ عليه شرعي، كصبر المقتول في حدِّ الزنى وفي القصاص.

ولا بُدَّ على أصولهم من كونه لطفاً في واجب عقلي يقوم به المقتول، ومتى يكون ذلك، ولا يصح التكليف عندهم في البرزخ ألبتة، ولا يكفي المقتول كون ذلك لطفاً للقاتل كما اعتذروا بذلك، لأنهما واجبان شرعيان على مكلفين مختلفين، فوجب أن يكون كل منهما لطفاً فيما يخصُّهُ.

بل الصبر في الجهاد الواجب المفضي إلى الشهادة واجبٌ شرعي، وقد يتصل به القتل فوراً قبل أداء واجب عقلي، مثل المقتول فوراً بسهم، أو المضروب عنقه (٣) بغتةً أو نحو ذلك.

وعلى تسليم ما ذكروه فلا دلالة في العقل على وجوب الجزاء على السيد للعبد إذا فعل ما يجب عليه، خصوصاً على قول المعتزلة هذا المقدم، وهو أن الواجب يجب لنفسه، وأن الله لم يوجب شيئاً من الواجبات، ويتأوَّلون إيجابه تعالى بإخباره بالوجوب، والمختار أنه لا يجب البحث عن وجه وجوب الشرعيات لو لم يرد بيانه، لكنه قد ورد بيانه في أمرين في كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) " في الواجب " ساقطة من (أ).
(٢) في (ش): مع.
(٣) في (ش): بعنقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>