للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العباد من الثواب والعقاب والأمر والنهي ونحو ذلك.

ولا يقال: إنه لا معنى لهذا الحديث (١) لعدم تنصيص الأئمة عليه، لأن أئمة الكلام نصوا عليه أو على نحوه كما مرَّ، وأئمة الحديث لم ينصوا على خلافه، بل نصوا (٢) على صحة قواعده، فإنهم كرهوا الرواية بالمعنى في الحديث المتعلق بالعمليات، وحرَّمه كثير منهم، وهو الأولى إلاَّ لضرورة العمل في نحو ترجمة الشريعة للعَجَم، ولولا هذه الضرورة ما جوَّزه أحد فيما أحسِبُ لما يؤدي إليه من المفسدة، فإن من جوَّزه شرط أن يكون من عبَّر بالمعنى عالماً بما يُحيل المعاني، وكل أحدٍ حَسَنُ الظن بنفسه، وكم من قاطعٍ بصحة أمر ينكشف خلافه، وهذا في العمليات الظنيات.

وأما الصفات الربانيات فالخطر فيها عظيم، وقد بالغ صاحب " الوظائف " (٣) على مذهب السلف وأهل السنة، ومنع من أن يقال: إن الله تعالى مُستو على العرش أو يستوى عليه، قال: وإنَّما يقال: ثم استوى كما قال، وقد مر ذلك في الصفات.

ولا شكَّ أن متكلمي أهل السنة، والأشعرية، والشيعة، والمعتزلة، جميع أهل العقليات قد أجمعوا على أن قولنا: أراد الله المعاصي متأولة، وأنها على غير ظاهرها، ومع ذلك لم يرد بها نصٌّ سمعي، فيجب تجنبها حيث توهم الخطأ، وينبغي التبدل بها حيث لا توهم بألفاظ كتاب الله تعالى ورسله المعصومين عليهم السلام.

وكذلك كل كلمةٍ تقترن بها مفسدة، فقد قال الله تعالى في نحو ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} [البقرة: ١٠٤]، وعُدَّ من حُسنِ


(١) ساقط من (أ).
(٢) قوله: " على خلافه بل نصوا " ساقط من (أ).
(٣) انظر ٣/ ٣٣٣ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>