للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ما رواه أبو داود بإسناد صحيح في كتاب الخراج عن عثمان بن أبي العاص أنَّ وفدَ ثقيف لما قَدِمُوا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنزلهم المسجدَ لِيكون أرَقَّ لقلوبهم، فاشترطوا عليه أن لا يُحْشَرُوا ولا يُعْشَرُوا ولا يُجَبُّوا، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " [لكم أن] لا تُعْشَرُوا ولا تُحْشَرُوا ولا خَيْرَ في دِينٍ لَيْسَ فيه ركوع " (١).

وروى أبو داود أيضاًً عن جابر رضي الله عنه بسندٍ صحيح أيضاًً فقال: حدثنا الحسنُ بنُ صباح، حدثنا إسماعيلُ بن عبدِ الكريم، قال: حدثني إبراهيمُ بنُ عقيل بن منبه، عن أبيه، عن وهب قال: سألتُ جابِرَ بنَ عبدِ الله عن شأن ثقيف إذ بايعت، فقال: اشترطَتْ على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنْ لا صَدَقَةَ عَلَيْهَا، ولا جِهَاد، وأنه سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ ذلك يقول: " سَيتَصَدَّقُونَ وَيُجَاهِدُونَ إذَا أسْلَمُوا " (٢).

قال الخطَّابي (٣): وُيشبه أن يكونَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إنما سَمَح لهم بالجهادِ والصَّدَقةِ، لأنهما لم يكونا وَاجِبَيْنِ في العاجل، لأنَّ الصدقةَ إنما تجبُ بحُؤول الحَوْلِ، والجهادُ إنما يجب بحضورِ العدو، وأما الصلاةُ فهي واجبة في كلِّ يومٍ وليلة في أوقاتها المؤقَّتَةِ، فلم يجز أن يشترِطَ تركها، وقد قَدَّمنا عن جابر رضي الله عنه أنَّه سَمِعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " سَيَتَصَدَّقونَ ويُجَاهِدونَ إذَا اسْلَمُوا ".


(١) هو في سنن أبي داود (٣٠٢٦)، وأخرجه أحمد ٤/ ٢١٨، والطبراني في " الكبير " (٨٣٧٢) ورجاله ثقاث إلا أن الحسن البصري راويه عن عثمان لم يصرح بالتحديث، وهو مدلس، وقد ذكر في ترجمته أنَّه لم يسمع من عثمان بن أبي العاص. فقول المصنف رحمه الله بإسناد صحيح، فيه ما فيه.
(٢) هو في سنن أبي داود (٣٠٢٥) وسنده حسن.
(٣) في " معالم السنن " ٣/ ٣٤ - ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>