للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابهما الأشاعرة، ولكن بركات العِلم أدركتهما، فإنا نرجو صحة ما رُوِيَ من توبتهما، فقد صرَّح الغزالي في " المنقذ مِن الضلال " (١) برجوعه عن الخوض في علم الكلام إلى مثل كلام أهلِ التصوف في الإقبال على الله تعالى بالكلية، وحصولِ اليقين بذلك، وفي خطبة " المَقْصِد الأسْنى " ما يقتضي أنَّه مُتَّقٍ في إظهار الحقِّ في بعض الأمور، وروى الإمامُ المهدي محمد بن مُطْهر، والأميرُ الحسين بن محمد عن الغَزّالي أنَّه تابَ مِن مذهبه، وترحَّما عليه، وترحم عليه حميدُ المحلي، وحكى نحو ما تقدَّم من توبته.

وأما الرازي، فصرحَ في وصيته بالرجوع عن (٢) جميع ما أودعه مصنفاتِه إلا ما نطق به القرآنُ والسنةُ المُجْمَعُ على صحتها، وأنه يدينُ الله تعالى بما دانه به رسولُه (٣) - صلى الله عليه وسلم -، وفي شعره ما يُلِمُّ بهذه العقيدة الجميلة كقوله:

العِلْمُ لِلرّحْمَانِ جَلَّ جَلالُهُ ... وسِوَاهُ في جَهَلاتِهِ يَتَغَمْغَمُ (٤)

مَا لِلتُّرَابِ ولِلعُلُومِ وَإنَّمَا ... يسْعَى ليعْلَمَ أنّهُ لا يَعْلَمُ


(١) انظر ص ٩١ - ٩٣ نشر دار الأندلس بتحقيق د جميل صليبا ود كامل عياد. وهذا الكتاب صحيح النسبة للإمام الغزالي، وهو من أواخر ما ألف بعد عزلة دامت عشر سنوات نَحا فيها منحى الصوفية، وصرح فيه بأن أصح الطرق إلى المعرفة هو طريق الصوفية الذي يقوم على الخلوة والمجاهدة، وفيه عبارات يستغرب صدورها من مثل هذا الإمام، فإنها تنطوي على أفكار فلسفية هي بمنأى عن صراط الله السوي انظر الصفحات ١٣٢ و١٣٩ و١٤٠ و١٤١ و١٤٢ و١٤٣ و١٤٠ و١٥٠.
(٢) في (أ) و (ج) من، وفي (ش) في.
(٣) في (ب) رسول الله: وانظر نص الوصية بتمامها في الجزء الأول من " المحصول " من ص ٧٩ - ٨٣ وانظر ترجمته في " السير " ٢١/ ٥٠٠.
(٤) من الغمغمة: الكلام غير البين.

<<  <  ج: ص:  >  >>