للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الشرِّ، لا معنى لها غير ذلك، فإمَّا أن يشترطوا في التكليف أن تكون تلك المشقة اللازمة (١) له راجحةً على الدواعي إلى الخير والصوارف عن الشر أو لا، والأول ممنوع لوجوه:

أولها: الاتفاق على ذلك، فإن المعتزلة لا توجب ذلك (٢) التكليف.

وثانيها: لزوم أن لا تقع الطاعة من مكلَّفٍ أبداً، لأن المرجوح لا يقع قطعاً، وإلاَّ لزم تجويز وقوعه من الله تعالى.

وثالثها: وقوع جميع أنواع المعاصي من كل أحدٍ (٣) من المكلفين.

ورابعها: أن ذلك يناقض إيجاب المعتزلة اللطف على الله تعالى.

وخامسها: أنه يوجب جواز أن يفعل الله المفسدة في التكليف، وهو عندهم ممنوعٌ، فإنهم منعوا أن يفعل الله الدواعي الزائدة التي يعلم الله تعالى أن العبد (٤) يعصي عندها، ويصح تكليفه بدونها، وهذا يلزمهم قبح جميع الدواعي إلى القبيح (٥) الأصلية التي وقع القبيح عندها، لأن العلة وقوعه (٦) عندها، سواء كانت أصليةً أو زائدة، وفرقهم بينها بأن الأصلية شرطٌ في صحة التكليف ممنوع بما ذكرنا في هذا البحث، ولأنه يؤدي إلى أن يكون الشرط في صحة التكليف فعل ما هو مفسدةٌ فيه، وهذا متناقض.

وسادسها: أن الله تعالى أخبر أنه لا يفعل مثل ذلك، فقال تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: ٢٧]، وقال: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} [الزخرف: ٣٣].


(١) في (ش): الملازمة.
(٢) في (ش): ذلك في التكليف.
(٣) في (ش): واحد.
(٤) في (ش): المكلف.
(٥) في (ش): القبيحة.
(٦) في (ش): الوقوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>