للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسابعها: أنه لا يلزم عدم التكليف بترك ما لا يشق، أو عدم الثواب بترك كثيرٍ من المحرمات من نكاح الأمهات والبنات وسائر المحارم، وكثير من أنواع الكفر، والسُّخْف، والخِسَّة، والكذب الضار، وهذه الأمور هي أعظم المحرمات وأغلظها.

وكذلك قضاء الجواد المُمَدَّح واسع الغنى لدانقٍ من الدين لا يسمى تكليفاً مشتقاً من الكُلفة مع كونه واجباً مأموراً به مُثاباً عليه، وكذلك قول الملائكة والصالحين: سبحان الله، مما لا يصح بقاء الكلفة فيه على الإطلاق في الحقيقة العرفية خصوصاً.

وكذلك اعتقاد بطلان ربوبية الحجارة ونحوها، وكذلك ترك الشيعة للنصب والسنية للرفض.

والثاني: -وهو أن تكون المشقة اللازمة للتكليف مرجوحة- مسلَّمٌ، ولا يضر تسليمه، لأن اللطف حينئذ حاصل بتكثير الدواعي إلى الخير وتقويتها، وذلك مقدورٌ لله تعالى بالإجماع كالمعصوم من الملائكة والأنبياء مع بقاء اسم الاختيار، واسم الطاعة والمعصية، وإن بطل المعنى المناسب لاسم التكليف في اشتقاقه. وقد صحح هذا الإمام يحيى بن حمزة في بعض مصنفاته، وابن عبد السلام في " قواعده "، وجوَّد ذلك فثبت أن اسم الطاعة والعبادة، واسم الحرام والمعصية لا يلازم اسم التكليف ومعناه ملازمة الصفات الذاتيات، ولا الشروط الواجبات، وإنما تكون المشقة في التكليف من العوارض الزائلات.

فإن قيل: إنا مُكَلَّفون فيما لا مشقة فيه بالأسباب الشاقة أجبنا بوجوه:

الأول: أن هذا السؤال لا يرد إلاَّ على السؤال السابع.

الثاني: أن فيه ما لا مشقة في سببه، مثل ترك عبادة الأصنام، وأن بطلان ربوبيتها معلومٌ بالضرورة، وكذا قبح عبادتها الصارف عنها، ولا داعي لنا إلى عبادتها ألبتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>