للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن اسماً مستقلاًّ للمسمى به، فلا يكون الضارُّ اسماً مستقلاً، بل الاسم: الضار النافع، لأنه في معنى: مالك الضر والنفع، بل في معنى: مالك الملك، كما قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: ٢٦].

وهذا معنى مناسبة الأسماء التي بهذا الاعتبار، ومتى أفْرَدْتَ الضَّارَّ لم يُناسِب ذلك البتة، فليلزم هذا المعنى في قلبه ولسانه كل من أطلق هذا الاسم على الله تعالى وظن صحته، وقد نص على هذا غير واحدٍ من أهل العلم، ويدل (١) على ما اخترته ما تقدم من نحو قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق: ١ - ٢] إلى آخر السورة، وتواترت الأحاديث بنحو ذلك، ولم ترد الاستعاذة من شرِّ الله أبداً، بل من شر الشيطان وشركه، كما روى أبو بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، مُرني بكلماتٍ أقولُهُنَّ إذا أمسيت وإذا أصبحت، قال: " قل: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، ربَّ كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشِرْكِهِ " رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح (٢).

وروى أبو مالك مثل حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفيه: " نَعُوذُ بك من شرِّ أنفسنا، وشر الشيطان الرجيم وشركه، وأن نقترف سوءاً [على أنفسنا]، أو نَجُرَّه إلى مسلمٍ " رواه أبو داود (٣).

وفي حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أعوذ بك من شرِّ كلِّ شيءٍ أنت آخِذٌ بناصيته " (٤).


(١) في (ش): فدل.
(٢) أبو داود (٥٠٦٧)، والترمذي (٣٣٩٢)، وصححه ابن حبان (٩٦٢) بتحقيقنا.
(٣) رقم (٥٠٨٣)، وهو حديث حسن، وأبو مالك: هو الأشعري.
(٤) حديث صحيح، أخرجه مسلم (٢٧١٣) وغيره، وصححه أيضاً ابن حبان (٩٦٦) وانظر تخريجه فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>