للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيهما: أنّ هذا الحديث مرويٌّ عن عبد الله الهَمْدَاني، وعن أبي موسى الهَمْدَاني، وقد اختلفوا، فقيل: هو رجل واحد اسمُهُ عبدُ الله، وكنيتُهُ أبو موسى، قال ذلك أبو القاسم الدِّمشقي الحافظ (١).

وقال ابنُ أبي خيثمة: أبو موسى الهَمْدَاني اسمُهُ عبد الله، وقيل: هما اثنان، قاله البخاري. قال البخاري: وعبد الله الهمداني روى الحديثَ عن أبي موسى الهمداني (٢) وهذا هو (٣) الظَّاهرُ، لتقدُّم البخاري في الحفظ، ولأنّه مثبت، ولأنّ احتجاج ابن (٤) أبي خيثمة بأنّ اسم أبي موسى عبدُ الله لا يمنعُ من ذلك، ولعلّ ذلك هو الّذي غرّ أبا القاسم الدِّمشقي، ورواية عبد الله عن أبي موسى ترفعُ الإِشكال، والله أعلم.

فإن قلت: فَلِمَ تَقوَّى أبو داود بهذا الحديث مع ما فيه من المطاعن؟

قلت: لأنّه أورد الحديث بإسنادٍ صحيح، وذكر معه ما جاء في الباب مِنْ كُلِّ ضرب مِنْ غَثٍّ وسمين كما هو عادةُ الحُفَّاظ، وأهلِ المسانيد، وقد ثبت أنَّ روايةَ الكافرِ المصرح قد تُفيد الظَّنَّ، فهي تقوى لا محالة، فكأنَّه أراد استقصاء ما يحفظ في الباب من الطرق (٥) لذلك، ألا ترى أنّه


(١) هو الإمام العلامة الحافظ الكبير المجود، محدِّث الشام أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله الدمشقي الشافعي صاحب " تاريخ دمشق " في ثمانين مجلدة، المتوفى سنة ٥٧١ هـ.
قال الإمام الذهبي: كان فهماً حافظاً، متقناً ذكياً، بصيراً بهذا الشأن، لا يُلحق شأوه، ولا يشق غباره، ولا كان له نظير في زمانه، ومن تصفح تاريخه، علم منزلته في الحفظ. مترجم في " السير" ٢٠/ ٥٥٤ - ٥٧١.
(٢) نص كلام البخاري في " التاريخ الكبير " ٥/ ٢٢٤: عبد الله الهمداني، عن أبي موسى الهمداني. قاله جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، لا يصح حديثه.
(٣) في (ب): " وهو"، وهو خطأ.
(٤) " ابن " سقطت من الأصول غير (ب).
(٥) عبارة " في الباب من الطرق " ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>