للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم -: " يُؤْتَى بِقَوْمٍ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُذْهَبُ بِهِمْ ذاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُول: أَصْحَابِي أَصْحَابي " (١)، وبقوله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُم} [التوبة: ١٠١]، دلَّتِ الآيةُ على أنَّ فيمن (٢) يَعُدُّونَه صحابِيَّاً عدلاًً مَنْ هُوَ كافر مجروح. انتهى كلامه.

أقول: مرادُ السَّيِّد بهذا لا يخلو مِنْ قسمين.

القسم الأول: أنْ يريدَ أنَّ الحديثَ والآيةَ دلاَّ على أنَّ في منْ ظاهِرُهُ العدالة مِنَ الصَّحابة مَنْ هُوَ منافِقٌ مجروحٌ، ولا طريقَ إلى العلم بهِ، فيجبُ تركُ حديث الصَّحابةِ كلِّهم، لَأنَّ فيهم مجروحاً غيرَ معلومٍ، وهذا غيرُ مقصودٍ للسَّيِّد، فإنَّ هذه منْ شُبَهِ الزَّنادقة صان اللهُ السيدَ عن ذكرهم.

القسم الثَّاني: أنْ نقول للسيدِ بما (٣) أجمع عليه أهلُ الإسلام مِنَ الرُّجوع إِلى من ظهر صِدْقُه، وإسلامه، وعدالته، وسواء كان في الباطن مسلماً أو كافراً، فإنَّ التكفير (٤) بالباطن غيرُ حَسَنٍ، ولا واقع، ولا يجب إلا جرحُ مَنْ ظَهَر جَرْحُه، وتبيَّن عِصيانه، على أنَّ مَنْ أضمر شيئاً، ظهرت عليه لوائحه (٥)، وفاحت منه روائحه كما يأتي مبسوطاً بسطاً شافياً في الوهم الثالث والثلاثين في أوَّل المجلّد الرَّابع في الكلام على يزيدِ بن معاوية، وذكر علامات المنافقين، وظهورِ نفاقهم للمؤمنين، وأن مثلَ ذلِكَ لم يخْفَ على الصحابة والتابعين، وقد قال اللهُ تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ


(١) تقدم تخريجه في هذا الجزء ص ٢٢٨ ت ٦.
(٢) في النسخ: " من "، والمثبت من (ش).
(٣) في (ش): إنما.
(٤) في (ب): التكليف.
(٥) في (ش): " ولاحت عليه لوائحه "، وكتب فوقها: ونمَّت عليه روائحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>