للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امرىءٍ مِنْ خَلِيقَةٍ ... وإنْ خَالَهَا تخْفَى عَلَى النَّاس تُعْلَمِ

وإنِّما أخبر - صلى الله عليه وسلم - بما حَدَثَ بعدَه، فما معنى قولِ السيّد: إنَّ ذلك يدلُّ على أنَّ في مَنْ يعدُّونه صحابيَّاً عدلاً مَنْ هو منَ المجروحين، فهذا السُّؤالُ -على زعمه- يتوجَّه على مذهب الزَّيديَّة والمعتزلة، وجميعِ الطَّوائف، فإنَّ الآية والحديث يدلان على تجويزِ أنْ يكون في من يعده المعتزلةُ، والزَّيديَّةُ صحابيّاً عدلاً مَنْ هو مجروحٌ، بل هذا يتوجَّهُ على الصحابةِ، حيث قَبِلَ بعضُهم بعضاً قبل قيام القيامة، وقبل تبيُّن هؤلاء الذين يَظْهرُ يوم القيامة جرحُهم، وقد وقع اللِّعان على عهده - صلى الله عليه وسلم -، وقال للمتلاعِنيْنِ: " الله يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كاذِبٌ " (١)، فلم يلزم منْ ذلك إشكالٌ في الإِسلام، ولا تكلَّمَ في حكمهما أئِمَّة السَّلف الأعلام؛ لِسُهولَةِ الأمر في هذه المباحث الظَّنِّيَّةِ، وكذلك المدعي مع المنكر، وسائر المتنازعين المعلوم كذب بعضهم، وإذا كان كلامُه هذا في الصحابة مع أَنَّهم خَيْرُ القرون، فَمَنْ بعدهم أولى بأنْ يظهر يوم القيامة في كُلِّ أهل


= الطبقة الأولى من فحول الشعراء ص ٥١ و٦٤ مع امرىء القيس، والنابغة، والأعشى، ونقل عن أهل النظر أنَّه كان أحصفَهم شعراً، وأبعدَهم من سخف، وأجمعهم لكثير من المعنى في قليل من المنطق، وأشدهم مبالغة في المدح، وأكثرهم أمثالاً في شعره. ويقال: كان ينظم القصيدة في شهر، ويهذبها في سنة، فكانت قصائده تُسمى الحوليات، مات سنة ٦٠٩ م.
والبيت من جاهليته السائرة التي مطلعها:
أمِنْ أُمِّ أوْفَى دِمْنَةٌ لمْ تَكلَّمِ ... بِحَوْمَانَةَ الدَّرَّاجِِ فالمُتَثَلَّمِ
وهي في مدح الحارث بن عوف بن أبي حارثة، وهَرم بن سنان بن أبي حارثة اللذين سعيا في الصلح بين عبس وذبيان.
وهو في " شرح القصائد السبع الطوال " ص ٢٨٩، و" الجمل " للزجاجي ص ٢٢٢، و" مغني اللبيب " (٥٣١).
و" مِنْ " في قوله: " من خليقة " زائدة، و" خليقة " في موضع رفع اسم " تكن "، وجملة " تخفى " مفعول ثاني " لخالها ".
(١) تقدم تخريجه في هذا الجزء ص ٢٥٦ ت (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>