للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا في حقِّ المدَّعين أنَّهم على مذهبه، لا في حقه، فإن لم ينسِبُوا ذلك إليه على جِهة الرِّواية عنه، فلا إشكالَ، وإن نسبوا مذاهبَهم إليه على جهة الرَّواية لها عنه، فلا شكَّ أنَّ رواية الجمِّ الغفيرِ عنه للتنزيه أولى مِن رواية النادرِ للتشبيه، كما ذلك مقتضى الأدلة عقلاً وسمعاً في الظَّنيَّات الَّتي يُمْكِنُ العملُ فيها بالتَّرجيح، فأمّا التكفيرُ القطعيُّ، فلا يَلْتَفِت إليه مع مثل (١) هذا الاختلافِ في النَّقل مُميِّزٌ (٢).

وقال الذهبي في آخر الطبقة الرابعة من " تذكرته " (٣)، وهي أول المئة الثانية إلى الخمسين ومئة: وفي هذا الزمان ظهر بالبصرةِ عمرو بن عُبَيْدِ العابد، وواصل بنُ عطاء الغزَّال، ودَعَوْا إلى الاعتزال، [والقول بالقدر] وظهر بخراسان الجَهْم بن صفوان، ودعا إلى تعطيل الرَّب عزّ وجل، وخلقِ القرآن، وظهر في خراسان في قبالته مقاتِل بنُ سليمان المفسِّر، وبالغ في إثباتِ الصِّفات حتّى جَسَّمَ، وقام على هؤلاء علماءُ التَّابعين وأئمَّةُ السلَفِ، وحذروا مِنْ بدعتهم، انتهى وله أمثالُه. ولعلماء الحديثِ، وأهلِ الجرح والتعديل منهم من (٤) التصريح بِذَمِّ المجسمة، والوَصْمِ لهم مِن الحنابلة وسواهم، وما علمتُ أحداً منهم نَسبَ إلى أحمدَ بنِ حنبل منْ ذلك شيئاً، لا مِنْ أَهْلِ السنة منهم مِن (٥) الشافعية، والحنفية، والمالكية، ولا منْ أهل علم الكلام الجامعين بين العلمين: العقلي والنقلي، وأهل الاطّلاع التَّامِّ على معرفة الرِّجال. ومن أراد


(١) ساقطة من (ش).
(٢) في (ش): بتنزيهه.
(٣) ص ١٥٩.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) " من " ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>