للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه قولاً، وقد يُفرِّع على ذلك تكفيره وتكذيبَه ونحو ذلك، وقد فعل المعترضُ شيئاً كثيراً مِنْ ذلك، مثل روايته عَنِ الأشعرية جميعاً أنَّهم يذهبُون إلى القول بأنَّ الله تعالى يُثيبُ على معصيتِه، ويُعَاقِبُ على طاعته، وقد مضى بيانُ أنَّه ما ذهبَ أحدٌ إلى ذلك مِنَ المسلمين، ولا مِنَ المشركين، وإنَّما يلزم ذلك من يقول: إنَّ أفعال اللهِ سبحانه لا تُعَلَّلُ، وإنَّه لا داعي له سبحانه إلى شَيْءٍ منها، والقولُ بهذا قولُ طائِفَةٍ مِنْ غلاة متكلميهم، وقد أوَّلُوا كلامَهم، ولم يساعدوا (١) إلى هذا الِإلزام، وقالوا: هو (٢) محال لاستلزامه المحالَ، وهو خلفُ وعدِه سبحانه (٣)، وكذبُ خبره سبحانه (٤) عن ذلك، وفي النَّاس من ينسِبُ إلى الطَّائفة العظيمةِ مذهبَ رجل مِنْ غُلاتهم، وإن رَدُّوا كلامه، وكَفَّروا قائِلَهُ كما فعل المعترضُ بنسبة تكليفِ ما لا يُطاق إلى أهلِ الحديث وطوائفِ أهل السُّنّةِ، وكما فعل في مسألة الأطفال وغيرِها، وسيأتي بيانُ ذلك.

ومِنَ النَّاس من يجمع بَيْنَ الأمرين، فيُلْزِمُ بعض الطَّائفة أمراً لم تقُلْ به، ثمَّ يتقوَّى لَهُ صِحَّةُ إلزامِه، فينسبه إليه (٥) ثم ينسِبهُ إلى أهل مذهبه، وهذه جُرْأَةٌ عظيمةٌ، وذلك كما فعل ابنُ السيّد البطَلْيوسِي، فإنّه قال في كتابه " سقط الزند " (٦): إنَّ المعتزلة تذهبُ إلى أنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ الغَيْبَ،


(١) في (ب): ولو ساعدوا.
(٢) في (ب): هذا.
(٣) في (ش): سبحانه عن ذلك.
(٤) في (ش): وكذبه تعالى.
(٥) " فينسبه إليه " ساقطة من (ش).
(٦) أي في " شرح سقط الزند "، فإن " سقط الزند " ديوان شعر لأبي العلاء المعري، وهو مطبوع ضمن شروح " سقط الزند "، قال ابن خَلِّكان: وهو أجودُ من شرح أبي العلاء صاحِب الديوان الذي سماه " ضوء السقط "، وليس هذا الشرح خاصاً بسقط الزند، بل ضم =

<<  <  ج: ص:  >  >>