للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظنه من أنَّ مثل ذلك في وضوحه لا يخلو من قائل يقول به.

وأما القول بأنَّ بعض الخطأ في الظنون يُعفي عنه، كالخطأ في فروع الإسلام، وبعضها لا يعفى عنه، كالخطأ في مخالفة الإسلام، فلذلك متعلق آخر، ودليل يرجع إلى السمع، وله من النظر وجهٌ واضحٌ، وهو أن العمل بالظن حَسَنٌ عقلاً، ما لم يعارض العلم بل لم يعارض ما رجحانه عليه كلمةُ إجماع، أو بيِّن (١) مكشوف القناع، وكلُّ ذلك مما ليس فيه نزاعٌ، ولا يجهلُه أحدٌ من الرعاع (٢)، فَمَنْ عَلم الله أنه عاند الحق المعلوم أو المظنون، فهو الذي يستحقُّ العقوبة، وإن ظن بعد عناده أنه مُحِقٌّ، ثم الذين عاندوا منهم من أعلمنا الله تعالى بأنه علم عناده كالكفرة، فيقطع بذلك، ومنهم من لم يُعلمنا سبحانه بذلك في حقِّهم (٣)، مثل المبتدعة من المسلمين، وكل أمرهم إلى الله تعالى، وستأتي الإشارة إلى أنه لا سبيل إلى تعجيل يوم الفصل قبل يوم القيامة، وأنه لا يُخرجُ اللجاج من أدمغة أهل المِراء إلاَّ الحديد الذي أنزل الله تعالى مع القرآن، بل حكى سبحانه في محكم كتابه عن المعاندين إصرارهم على العناد يوم القيامة بما لا يُمْكِنُ تأويله، وذلك قولهم لجوارحهم حين أنطقها الله تعالى: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْء} [فصلت: ٢١]، فبان بما ذكرنا هنا مع ما تقدم عند ذكر الظنون وحسن العمل بها، والجواب عن من يردُّ على ذلك: أنَّ عامة المسلمين على سبيل هذا،


= قلت: وشرحُه للصحيح لما يُطبع، وانظر التعريف بنسخه الخطية الموجودة في المكتبات العامة في " تاريخ التراث العربي " ١/ ٢٢٩ لسزكين.
(١) في (ج): " تبيين " وهو خطأ.
(٢) من قوله: " بل لم يعارض " إلى هنا ساقط من (ش).
(٣) في (ش): في جمعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>