للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون ذلك وأنت مُقْبلُ العمر مُقتَبَل (١) الدَّهر، ذو نيّةٍ سليمةٍ، ونفسٍ صافيةٍ، وأن أبتدئك بتعلم كتاب الله عزَّ وجل، وتأويله، وشرائع الإسلام وأحكامِه، وحلاله وحرامه، لا أُجاوِزُ ذلك بك إلى غيره، ثم أشفقت أن (٢) يلتبس عليك ما اختلف النَّاس فيه من أهوائهم وآرائهم مثل الذي التبس عليهم، فكان إحكام (٣) ذلك على ما كَرِهتُ من تنبيهك له أحبَّ إليَّ من إسلامك إلى أمرٍ لا آمنُ عليك فيه الهَلَكَةَ، ورجوت أن يوفقك الله فيه لرُشدك، وأن يهديك لقصدك، واعلم يا بني أن أحب ما أنت آخذٌ به [إلي] من وصيَّتي تقوى الله، والاقتصار على ما فرضه الله عليك، والأخذ بما مضى عليه الأوَّلون من آبائك والصالحون (٤) من أهل بيتك، فإنهم لم يُدعُوا أن ينظروا (٥) لأنفسهم كما أنت ناظرٌ، وفكروا كما أنت مُفكِّرٌ، ثم ردهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا، والإمساك عمَّا لم يكلفوا، وإن أبت نفسك (٦) أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا، فليكن طلبك ذلك بتفهم وتعلُّمٍ، لا بتورط الشبهات، وغُلُوِّ الخصومات إلى آخر ما ذكره عليه السلام في هذا المعنى وتأوَّله ابن أبي الحديد بما يستحيى من ذكره من أن ذلك لعلم عليٍّ عليه السلام بقصور الحسن عليه السلام عن درك هذا


(١) في " القاموس " و" شرحه ": واقتَبَلَ أمره: استأنَفَهُ، ومنه رجلٌ مقتبل الشباب -بفتح الباء-: لم يظهر فيه أثر كبرٍ، كأنه يستأنفُ الشباب كلٍّ ساعة، وهو مجاز، قال أبو كبير الهذلي:
ولرُبِّ من طأطأته بحفيرةٍ ... كالرُّمح مُقتبَل الشبابِ مُحَبر
(٢) في (ش): عليك أن.
(٣) في (ش): " وكانوا حكام "، وهو خطأ.
(٤) في (أ): الصالحين.
(٥) في " شرح النهج " ١٦/ ٧٠: نظروا.
(٦) في (ش): وإن أبيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>