للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد بلغوا في لغتهم الغاية القصوى (١)، التي لا يُعجِزُهم كُلَّهم فيها مخلوق، وإنه لو كان مخلوقٌ (٢) يقدِرُ عليه، لقضت العادةُ بقُدرة بعض بُلغاء العرب عليه، لأن العادة لم تجرِ بتفاوت المخلوقين فيما يشتركون في معرفته والقدرة عليه تفاوتاً يبلغ هذا الحدَّ، وهذا هو الموافق لكلام الله عز وجل، فإنه (٣) قال تعالى في خطاب العرب: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: ٢٣].

وكذلك في (٤) غير هذه الآية مما عُلِمَ أنه تعالى رتَّب علمهم (٥) بأنّه معجزٌ من عند الله تعالى على عجزهم عن الإتيان بمثله، لا على عجزِ جميع الجنِّ، والملائكة، والرُّوح، وما لا يعلمونه غير هؤلاء من خلق الله تعالى، الذي لا سبيل إلى حصره في هذه الأجناس، ولو كان الأمرُ كما زعمت المعتزلة، لكانت هذه الآيات (٦) القرآنية معترضةً، ومن جاء بها مُفحَماً منقطع الحجة، وقد اتفق الجميع على امتناع (٧) ذلك بأدلة قاطعة، فثبت فساد ما أدَّى إليه.

وإذا حقَّقت النَّظر في جميع ما يُقَدَّرُ اختلاف الجنِّ والإنس فيه مما يرجع إلى الفصاحة، وجدتَهُ مساعداً لهذا العلم الضروري العادي، كما أنا لو (٨) سلمنا أن (٩) العلم الضروري العادي لم يحصل في هذا المقام،


(١) في (ش): الغاية القصوى في لغتهم.
(٢) عبارة: " وإنه لو كان مخلوقاً " ساقطة من (ش).
(٣) في (ش): فإن.
(٤) ساقطة من (ب)، وفي (ش): و.
(٥) في (ب) و (ش): عليهم.
(٦) في (ش): الآية.
(٧) في (ش): منع.
(٨) "لو" ساقطة من (ش).
(٩) في (ش): أن هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>