لا يمكن لمتأوله تأويله، وذلك قولهم (١) لجوارحهم حين أنطقها الله: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ}[فصلت: ٢١].
فَمَنْ بَلَغَ هذا الحدِّ في العناد واللَّجاج، كيف يطمعُ السُّنيُّ أو الجَدَليُّ أن يهديه ويُفحِمَه ويُقرِّره بالحق، وقد قال تعالى:{وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ}[الروم: ٥٣] وقال تعالى: {وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (٥٨) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٥٩) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: ٥٨ - ٦٠].
ولهذا وعد الله بالفصل بين المختلفين يوم القيامة، وسمَّاه يوم الفصل، والمتكلم المغفل يحاول أن يكون الفصل بين الخلق على يديه، وأن يجعل يوم الفصل على زعمه، وأن يُشغل نفسه والمسلمين في غير فائدة، بل ربما ورد السمع بأن فيه مضرة، والحكيم الخبير قد أنبأنا عن عناد كثيرٍ من الخلق بل أكثرهم بما لم نكُن نعرفه لولا تعريفه.