للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصمم، ونحو ذلك، مع أنه إذا جُعِلَ غير قابل لهما كان تشبيهاً له بالجماد الذي لا يقبلُ الاتصاف بواحدٍ منها، فكيف يُنكِرُ من قال بذلك على غيره ما يزعم أنه تشبيهٌ بالحي، وليس بتشبيهٍ (١).

وأيضاً فنفسُ نفي هذه الصفات نقصٌ، كما أنَّ إثباتها كمالٌ، فالحياة من حيث هي هي مع قطع النظرعن تعيين الموصوف بها صفةَ كمالٍ.

وكذلك العلمُ، والقدرةُ، والسمع، والبصر، والكلام، والفعل ونحو ذلك، وما كان صفة كمالٍ فهو سبحانه وتعالى أحقُّ أن يتَّصف به من المخلوقات، فلو لم يتَّصِف به مع اتصاف المخلوق به لكان المخلوق أكمل، تعالى الله عن ذلك عُلُوّاً كبيراً.

واعلم أن الجهميَّة المحضة كالقرامطة، ومن ضاهاهم ينفُون عنه تعالى اتصافه بالنقيضين حتى يقولوا: ليس بموجود، ولا ليس بموجود، ومعلومٌ أن الخلو عن النقيضين ممتنع في بدائه العقول كالجمع بين النقيضين.

وآخرون وصفوه بالنفي فقط، فقالوا: ليسَ بحيِّ، ولا سميع، ولا بصير، وهؤلاء أعظمُ كفراً من أولئك من وجه، وأولئك أعظمُ كفراً من هؤلاء من وجه.

فإذا قيل لهؤلاء: هذا يستلزم وصفه بنقيض ذلك كالموت، والصَّمَمِ، والبَكَمِ، قالوا: إنَّما يلزم ذلك لو كان قابلاً لذلك، وهذا الاعتذار يزيد قولهم فساداً.


(١) عبارة " التدمرية ": فكيف من قال ذلك على غيره مما يزعم أنه تشبيه بالحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>