للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس في الكتاب والسنة وصفٌ له بأنه لا داخل العالم، ولا خارجه، ولا مباينه، ولا مداخله، فيظنُّ المتوهم أنه (١) إذا وصف (٢) بالاستواء على العرش، كان استواؤُهُ كاستواء الإنسان على ظهور الفُلكِ والأنعام ... إلى قوله: وليس في اللفظ ما يدل على ذلك، لأنه أضاف الاستواء إلى نفسه الكريمة، كما أضاف إليه سائر أفعاله وصفاته فذكر أنه خلق ثم استوى، كما ذكر أنه قدَّر فَهَدَى، كما (٣) ذكر أنه مع موسى وهارون يسمع ويرى، وأنَّه بَنى السماء بأيدٍ إلى قوله: فلمَّا قال تعالى: {والسماءَ بَنَيْنَاهَا بِأيْدٍ} [الذاريات: ٤٧}، فهل يُتوهَّمُ أنَّ بناءه (٤) مثلُ بناء الآدمي المحتاج الذي يحتاج إلى زنبيلٍ، ومجارِفَ، وأعوانٍ، وضرب لبنٍ، وجبلِ طين، ثم قد عُلِمَ أن الله تعالى خلق العالم بعضه فوق بعض، ولم يجعل عالية مفتقراً إلى سافله، فالهواء والسحاب فوق الأرض، وليس مفتقراً إلى أن تحمله الأرض، فالعليُّ الأعلى ربُّ كل شيء ومليكه إذا كان فوق جميع خلقه، كيف يجب أن يكون محتاجاً إلى خلقه؟! أو (٥) إلى عرشه!، أو كيف يستلزم علوُّه على خلقه هذا الافتقارَ!؟.

وكذلك قوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} [الملك: ١٦] من توهَّم أن مقتضى هذه الآية أن يكون الله في داخل السموات فهو جاهلٌ ضالٌّ بالاتفاق، وإن كنا إذا قلنا: إنَّ الشمس والقمر في السماء (٦) يقتضي ذلك، فإنَّ حرف " في " متعلقٌ بما


(١) " أنه " ساقطة من (د).
(٢) من قوله: " له بأنه لا " إلى هنا ساقط من (ب).
(٣) في (ش): وكما.
(٤) في (ش): أنه بناء.
(٥) في (ش): و.
(٦) " في السماء " ساقط من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>