للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعتمادُ في هذا الباب على مجرد نفي التشبيه، أو الإثبات من غير تشبيه ليس بسديدٍ (١)، وذلك أنه ما من شيئين إلاَّ بينهما قدرٌ مشترك، وقدرٌ مميز.

فالنافي إن اعتمد في ما ينفيه على أنَّ هذا تشبيه، قيل له: إن أردت أنه مماثلٌ له من كل وجه، فهذا باطل، وإن أردت أنه مشابهٌ له من وجه دون وجه، أو مشاركٌ له في الاسم، لزِمَكَ هذا في سائر ما تثبته، وأنتم إنما أقمتم الدليل على إبطال التشبيه والتماثل الذي فسرتموه، فإنَّه يجوزُ على أحدهما ما يجوزُ على الآخر، ويمتنعُ عليه ما يمتنع عليه، ويجب له ما يجب له.

ومعلوم أن إثبات التشبيه بهذا المعنى ممَّا لا يقولُه عاقلٌ يتصورُ ما يقول، فإنَّه يُعلمُ بضرورة (٢) العقل امتناعُه، ولا يلزَمُ من نفي هذا نفيُ التشابه مفسراً بمعنىً من المعاني، ثم كل من أثبت ذلك المعنى، قالوا: إنَّه مشبه، ومنازعهم يقول: ذلك المعنى ليس هو من التشبيه، وقد يُقرنُ بين لفظ التشبيه والتمثيل، وذلك أنَّ المعتزلة ونحوهم من نُفاةِ الصفات يقولون: كل من أثبت للهِ صفةً قديمة، فهو مشبِّهٌ ممثِّلٌ.

فمن قال: إن لله علماً قديماً، أو (٣) قدرةً قديمة، كان عندهم مشبهاً ممثلاً، لأنَّ القِدَمَ عند جمهورهم هو أخصُّ وصف الإلة، فمن أثبت له صفةً قديمة، فقد أثبت له مثلاً قديماً، فيسمونه (٤) ممثلاً (٥) بهذا


(١) تصحفت في (ش) إلى: بشديد.
(٢) في (ب): ضرورة.
(٣) في (ش): و.
(٤) في (أ): " فيسموه "، وهو خطأ.
(٥) في (ج): مثلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>