للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفيُ ما نفته الأدلة الشرعية والعقلية، والقرآن قد نفى مُسَمَّى المثل والكفؤ والنِّدِّ ونحو ذلك، ولكن يقولون: الصفة في لغة العرب ليست مثل الموصوف، ولا كفؤه ولا نِدَّه، فلا تدخل في النص.

وأمَّا العقلُ فلم ينفِ (١) مسمَّى التشبيه في اصطلاح المعتزلة، وكذلك يقولون: إن الصفات لا تقوم إلاَّ بجسمٍ متحيز، والأجسام متماثلة، فلو قامت به الصفاتُ للَزِمَ أن يكون مماثلاً لسائرِ الأجسام، وهذا هو التشبيه.

وكذلك يقولُ هذا كثيرٌ من الصفاتية الذين يثبتون الصفات، وينفون عُلُوَّه على عرشه، وقيام الأفعال الاختيارية به ونحو ذلك، ويقولون: الصفات قد تقومُ بما ليس بجسم، وأما العلو على العالم، فلا يصحُّ إلاَّ إذا كان جسماً، فلو أثبتنا علوَّه للزم أن يكون جسماً، وحينئذٍ فالأجسام متماثلة، فيلزم التشبيه، فلهذا تجد هؤلاء يُسمُّون من (٢) أثبت العلو مُشبهاً، ولا يسمون من أثبت السمع، والبصر، والكلام ونحوه مشبهاً، كما يقوله صاحب " الإرشاد " (٣) وأمثاله.

وكذلك يوافقُهم على القول بتماثل الأجسام القاضي أبو


(١) في (ب): " ينفيه "، وهو خطأ.
(٢) من قوله: "جسماً فلو" إلى هنا ساقط من (ش).
(٣) ص ٣٩ و٧٢، واسمه الكامل: " الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد " -وهو مطبوع في باريس، والقاهرة، وبرلين- لمؤلفه أبي المعالي عبد الملك بن الإمام أبي محمد عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيوية الجُويني، النيسابوري، الشافعي، المعروف بإمام الحرمين، المتوفى سنة ٤٧٨ هـ. مترجم في " السير " ١٨/ ٤٦٨ - ٤٧٧، وقد رَجَعَ إمامُ الحرمين في أواخر سني حياته عن التأويل، وسلك طريق السلف في إثبات الصفات بلا كيف ولا تعطيل وارتضاه رأياً، كما - صرح بذلك في كتابه " الرسالة النظامية " ص ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>