للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا كُفُؤ له، ولا سَمِيَّ له، وليس كمثله شيءٌ، فلا يجوزُ أن تكون حقيقته كحقيقة شيء من المخلوقات ولا حقيقة شيء من صفاتِه كحقيقة شيء من صفات المخلوقين، فيُعلَمُ قطعاً أنه ليس من جنس المخلوقات لا الملائكة، ولا السماوات، ولا الكواكب، ولا الهواء، ولا الماء، ولا الأرض، ولا الآدميين، ولا (١) أبدانهم، ولا أنفُسِهم، ولا غير ذلك، بل نعلمُ أنَّ حقيقته عن مماثلة شيء من المخلوقات أبعد من سائر الحقائق، فإن الحقيقتين إذا تماثلتا، جاز على كل واحدة ما يجوز على الأخرى، فيلزَمُ أن يجوز على الخالق القديم الواجب بنفسه ما يجوز على المُحْدَثِ المخلوق من العدم والحاجة، فيكون الشيء الواحد واجباً بنفسه، غير واجبٍ بنفسه، وذلك جمعٌ بين النقيضين، وهذا مما يُعلَمُ به بطلان قول المشبهة الذين يقولون: بَصَرٌ كبصري ونحو ذلك.

وليس المقصود هنا استيفاء ما ثبت (٢) له، وما تنزّه (٣) عنه، واستيفاء طرق (٤) ذلك، لأنَّ هذا مبسوطٌ في غير هذا الموضع، وإنما المقصود هنا التنبيه على جوامع ذلك، وما سكت عنه السمع نفياً وإثباتاً، ولم يكن في العقل ما يُثبتُه ولا ينفيه، سكتنا عنه، فلا نثبته ولا ننفيه، فنثبت (٥) ما علمنا ثبوته، وننفي ما علمنا نفيه، ونسكُتُ عن ما لا (٦) نعلم نفيه ولا إثباته، والله أعلم. انتهى كلام ابن تيمية.


(١) "الواو" ساقطة من (أ) و (ب).
(٢) في (د): يثبت.
(٣) في (د): ينزه.
(٤) من قوله: " بصر كبصري " إلى هنا ساقط من (ب).
(٥) في (ب): فثبت.
(٦) في (ب): لم.

<<  <  ج: ص:  >  >>