للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكيّاً متكلماً، له نظرٌ في المعقول- فاستجلب كُتُب الأوائل، وعرَّب (١) حكمة اليونان، وقام في ذلك وقعد، وخبَّ ووضع، ورفعت الجهمية والمعتزلة رؤوسها. وآل به الحال إلى حَمْلِ الأمة على القول بخلقِ القرآن، وامتحن العلماء، فلم يُمهَلُ، وهلك لعامه، وخلَّى بعده شرّاً وبلاءً في الدين. فإن الأمة ما زالت على أنَّ القرآن العظيم كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله (٢)، لا يعرفون غير ذلك، حتى نَبَغَ لهم القول بأنه كلام الله مخلوقٌ، وأنه إنما يُضافُ إلى الله تعالى إضافه تشريفٍ، كبيت الله، وناقة الله. فأنكر ذلك العلماء -إلى قوله-:

قال صالح بن أحمد: سمعت أبي، يقول: لما دخلنا على إسحاق بن إبراهيم للمحنة، قرأ علينا كتاب الذي صار إلى طَرَسُوس، يعني: المأمون، فكان فيما قُرِىءَ علينا: {ليس كمثله شيء} [الشورى: ١١] و {هو خالقُ ُكلِّ شيء} [الأنعام: ١٠٢] فقلت: {وهو السميعُ البصير} قال صالح: ثم امتحن القوم، ووَجَّهَ بمن امتنع إلى الحبس، فأجاب القوم غير أربعة: أبي، ومحمد بن نوح، والقواريري، والحسن بن حماد سجَّادة. ثم أجاب هذان، وبقي أبي ومحمدٌ في الحبس أياماً، ثم جاء كتابٌ من طرسوس بحملهما مُقَيَّدَيْنِ زميلينِ.

الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبو معمر القطيعي، قال: لما أُحضِرنا إلى دار السلطان أيام المحنة، وكان أحمد بن حنبل قد أُحضِرَ، فلما رأي الناس يُجِيبونَ، وكان رجلاً ليِّناً، فانتفخت أوداجه،


(١) تصحفت في (ب) إلى: وعزت.
(٢) في (ب): وتنزيله ووحيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>