كان -رحمه الله- من أبرز علماء اليمن المجتهدين على الإطلاق، وقد وصف العلامة أحمد بن عبد الله الوزير في كتابه "الفضائل" مكانة اجتهاده وعلو منزلته بقوله: " وله في علوم الاجتهاد المَحلُّ الأعلى، والقدح المُعَلى، وبلغ مبلغ الأوائل، بل زاد، واستدرك، واختار وصنف، وألف وأفادَ وجمع وقيد، وبنا وشيد، وكان اجتهادُه اجتهاداً كاملاً مطلقاً، لا كاجتهاد بعض المتأخرين، فإن ذلك إنما يُسمَّى ترجيحاً لأدلة بعض الأئمة المستنبطين على بعض، لا ابتداء اجتهاد واستخراج للحكم عما عُرفَ من غير معترف انتهاض ذلك الدليل عليه بعدَ معرفته للحكم نفسه وللدليل، ولكيفية الدلالة، وانتفاء المعارض، وشروط الاستدلال في العقليات والسمعيات، والتبحر في علم الرواية، ومعرفة الرجال وأحوالهم في النقد (١) والاعتدال والوفيات والأنساب والشيوخ، والتعمق في علم الأصولين والعربية، والتوغل في معرفة الكتاب العزيز، والاطلاع السديد على تفسيره، وكلام المفسرين. ولم يكن بهذه الصفة بغير شك ولا مِرية غيرُ هذا السيد الإمام الأكبر النقيد في هذا الشأن الذي شَهِدَ له بذلك جميعُ أهل الزمان من الأقارب والأباعد، والمخالف له في الاعتقاد والمساعد، ولقد كان آية في زمانه لم يأت الزمانُ بمثلها.
وأما تلك المقاماتُ العالية، والاستخراجاتُ الأصلية من الأدلة الكلية مثل ما صنعه في استخراجاته واختياراته في مسائل الاجتهاد، فهم عن ذلك بمراحل؛ وكيف يكون ذلك؟ وهم يغلطونَ في أسماء الرجال المشهورين، وتلتبِسُ عليهم أزمانُهم، ويُصحِّفُون من أسماء كبارهم، ومن