للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حضرتُ من وَرَعِه شيئاً بمكة: أنه أرهن سطلاً عند فامِيَّ (١)، فأخذ منه شيئاً لِيَقوتَه. فجاء، فأعطاه فِكَاكه، فأخرج إليه سطلين، فقال: انظُر أيُّهما سطلُك؟ فقال: لا أدري أنت في حِلٍّ منه، ومما أعطيتك، ولم يأخذه. قال الفامي: والله إنه لسطلُه، وإنما أردت أن أمتحنه فيه.

وبه (٢) إلى أبي نعيم حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا الأبار: سمعت محمد بن يحيى النيسابوري، حين بلغه وفاة أحمد، يقول: ينبغي لكلِّ أهل دارٍ ببغداد أن يُقيموا عليه النياحةَ في دورهم.

قلت: تكلَّم الذُّهلي بمقتضى الحُزن لا بمقتضى الشرع (٣).

قال أحمد بن القاسم المقرىء: سمعت الحسين الكرابيسي، يقول: مثل الذين يذكرون أحمد بن حنبل مَثَلُ قومٍ يجيئون إلى أبي قُبَيْسٍ (٤) يُريدون أن يَهدِمُوه بنعالهم.

الطبراني: حدثنا إدريس بن عبد الكريم المقرىء، قال: رأيتُ علماءنا مثل الهيثم بن خارجة، ومُصعبٍ الزُّبيري، ويحيى بن معين،


(١) أي: بائع الفوم، أي: الحِمّص.
(٢) أي: بالسند السابق، وتحرف في الأصول إلى: " ونسبه ".
(٣) لأن الشرع قد نهى عن النياحة، وعدها من صنيع الجاهلية. فقد أخرج مسلم في " صحيحه " (٦٧) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت ".
وأخرج البخاري (١٢٩٤) و (١٢٩٧) و (١٢٩٨) و (٣٥١٩) من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ليس منَّا من ضَرَبَ الخُدود، وشقَّ الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية ".
وأخرج مسلم (٩٣٤) من طريق أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " النائحة إذا لم تتب قبل موتها تُقام يوم القيامة وعليها سربال من قَطِران ودرعٌ من جرب ".
(٤) هو اسم الجبل المشرف على مكة، وهو مواجه جبل قُعَيْقِعَان، وبينهما مكة، أبو قبيس من جهة الشرق، وقعيقعان من جهة الغرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>