للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه: قال: حدثنا (١) أبي، حدثنا (١) أحمد بن أبي الحواري، حدَّثني عُبيد القاري، قال: دَخَلَ على أحمد عمُّه، فقال: يا ابن أخي، أيش هذا الغَمُّ؟ أيشٍ هذا الحزنُ؟ فرفع رأسه، وقال: يا عمُّ، طُوبى لمن أخملَ الله ذكره.

وبه: سمعتُ أبي يقول: كان أحمد إذا رأيته، تعلمُ أنَّه لا يُظهِرُ النُّسُك، رأيت عليه نعلاً لا يُشْبِهُ نعال القُراءِ، له رأس كبيرٌ معقد، وشِراكُه مُسبَلٌ، ورأيت عليه إزاراً وجُبَّة بُرد مخططة. أي: لم يكن بزيِّ القُرَّاء.

وبه: حدثنا صالح: قال لي أبي: جاءني أمسِ رجلٌ كنت أُحِبُّ أن تراه، بينا أنا قاعدٌ في نحرِ الظهيرة، إذ برجل سلَّم بالباب، فكأنَّ قلبي ارتاح، ففتحتُ، فإذا برجلٍ عليه فَروة، وعلى رأسه خِرقةُ، ما تحت فروه قميصٌ، ولا مَعَه رَكْوةٌ ولا جِراب ولا عُكَّازٌ، لقد لَوَّحته الشمسُ. فقلت: ادخُلْ، فَدَخَلَ الدهليز، فقلت: مِنْ أين أقبلت؟ قال: من ناحية المشرق، أريد الساحل، ولولا مكانك ما دخلت هذا البلد، نويتُ السلام عليك. قُلتُ: على هذه الحال؟ قال: نعم. ما الزهد في الدنيا؟ قلت: قصر الأمل، قال: فجعلت أعجب منه، فقلت في نفسي: ما عندي ذهبٌ ولا فضة. فدخلت البيت فأخذت أربعة أرغفةٍ، فخرجت إليه، فقال: أوَيَسُرُّك أن أقبل ذلك يا أبا عبد الله؟ قلت: نعم، فأخذها، فوضعها تحت حِضنه، وقال: أرجو أن تكفيني إلى الرقة (٢). وأستودعك الله. فكان يذكره كثيراً.


(١) في (د): أخبرنا.
(٢) "الواو" ساقطة من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>