للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأستار بدرهمين (١) أقلَّ أو أكثر، وكان ذلك قوتنا، وكنا إذا اشترينا الشيء، نستره عنه كيلا يراه، فيُوبِّخُنا (٢)، وكان ربما خُبِزَ له، فيجعل في فخَّارة عدساً وشحماً وتمرات شِهريز (٣)، فيجيء الصِّبيان، فيصوِّتُ ببعضهم، فيدفعه إليهم، فيضحكون ولا يأكلون. وكان يأتدِمُ بالخلِّ كثيراً.

قال: وقال أبي: إذا لم يكن عندي قطعة، أفرح.

وكان إذا توضَّأ لا يدعُ من يستقي له، ورُبَّما اعتللت فيأخذ قدحاً فيه ماء، فيقرأ فيه، ثم يقول: اشرب منه، واغسِلْ وجهَكَ ويديك.

وكانت له قلنسُوةٌ خاطَها بيده، فيها قُطن، فإذا قام بالليل لَبِسَهَا.

وكان ربما أخذ القدوم، وخرج إلى دار السكان، يعملُ الشيء بيده، واعتل فيعالج.

وكان ربما خرج إلى البقَّال، فيشتري الجُرزَةَ الحطب والشيء، فيحملُه بيده.

وكان يتنوَّر في البيت. فقال لي في يوم شتوي: أريدُ أدخلُ الحمامَ بعد المغرب، فقل لصاحب الحمام. ثم بعث إليَّ: إني قد أضربتُ عن الدخول. وتنوَّر في البيت.

وكنث أسمعُه كثيراً يقول: اللهمَّ سلِّم سلِّم.


(١) في (ب): بدرهمين أو.
(٢) في (ب): يوبخنا.
(٣) والشهريز - بالضم. والكسر، وبالسين المهملة أو بالشين المعجمة: نوع من التمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>