للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصواتهم بالدُّعاء، ادعوا لأبي عبد الله، وكنا نمُدُّ المنجنيق، ونرمي عن أبي عبد الله. ولقد رُمي عنه بحجرٍ، والعِلج على الحصن متترسٌ بدَرَقَة فذهب برأسه وبالدِّرَقَةِ (١) فتغيَّر وجهُ أبي عبد الله، وقال: ليته لا يكون استدراجاً. قلت: كلا.

وعن رجلٍ قال: عندنا بخراسان يظنُّون أن أحمد لا يُشبِهُ البشر، يظنون أنه من الملائكة.

وقال آخر: نظرةٌ عندنا (٢) من أحمد تعدِلُ عبادة سنة.

قلت: هذا غلوُّ لا ينبغي، لكن الباعث له حبُّ ولي الله في الله.

قال المرُّوذي: رأيت طبيباً نصرانياً خرج من عند أحمد ومعه راهبٌ، فقال: إنه سألني أن يجيء معي ليرى أبا عبد الله.

وأدخلت نصرانياً على أبي عبد الله، فقال له: إنِّي لأشتهي أن أراك منذ سنين. ما بقاؤك صلاحٌ للإسلام وحدَهم، بل للخلق جميعاً، وليس من أصحابنا أحدٌ إلاَّ وقد رَضِيَ بك. قلتُ لأبي عبد الله: إني لأرجو أن يكون يدعى لك في جميع الأمصار. فقال: يا أبا بكر إذا عرف الرجل نفسه، فما ينفعه كلام الناس.

قال عبد الله بن أحمد: خَرَجَ أبي إلى طرسوس ماشياً، وحجَّ حجتين أو ثلاثاً (٣) ماشياً، وكان أصبر الناس على الوحدة، وبِشْرٌ لم يكن يصبر على الوحدة. كان يخرج إلى ذا وإلى ذا.


(١) في (د): وبدرقة.
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): " ثلاث "، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>