للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنهم من قال: يكون مجملاً.

ومنهم من قال: يقدر أعم الأشياء، لأن تقدير غيره تخصيص بلا دليل، وذلك تحَكُّم، فيقدر: أن المرفوعَ حُكمُ هذه الأشياء، فَيَعُمُّ أحكامَ الدنيا والآخرة، إلا ما خصه الدليل.

ومنهم: مَنْ خَصَّه بأحكام الآخرة لِكثرة مخصّصاته في أحكامِ الدنيا في الجِنايات ونحوِها. وهو الصحيح في نظير هذه المسألة عندهم، وهما متقاربان. ولكنَّهم فرقوا بينهما في الكلام عليهما: بأنه إن ثبت عُرْفٌ يسْبِقُ الفهمُ إليه، تَعَين، مثل: تحريم الميتة والأمهات والحرير، فإن الفهم يسبِقُ إلى أن المحرَّم من الميتة: أَكْلُها، ومِنَ الأُم: نكاحُها، ومن الحرير: لباسُه، ونحو ذلك، وإن لم يَثْبُت عُرْفٌ، لزم التعميمُ، لأنه السابق إلى الأفهام حينئذ. والله أعلم.

ويقوي صحة هذا الحديث -مع ما تقدم من مفهومات كتاب الله، وصحيح السُّنن- ما رواه الحاكمُ، في تفسير سورة التكاثر، من " المستدرك "، فقال: " حدثنا أبو العباس محمدُ بنُ يعقوب، حدثنا محمد بنُ سِنان القزَّاز، حدثنا محمد بن بكر البرساني، حدثنا جعفرُ بن برْقان، قال: سمعتُ يزيدَ بن الأصم، يُحَدِّث عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما أخشى عليكم الفقْرَ، ولكن أخشى عليكم التَّكَاثُرَ، وما أخشى عليكم الخطأَ، ولكن أخشى عليكم التعمد " (١). ثم قال: وهذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.


(١) رواه الحاكم ٢/ ٥٣٤، وأحمد ٢/ ٣٠٨ و٥٣٩ وصححه ابن حبان (٢٤٨٩) وذكره الهيثمي في " المجمع " ٣/ ١٢١ و١٠/ ٢٣٦ وقال في الموضعين: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>