للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَّةً، وإن لا يفعل فهي الهلكةُ، وليس لأحدٍ بعد المرسلين (١) على الله حجةٌ، ونحن نقول: إن الكلام في القرآن بدعةٌ، يتكلَّفُ المجيبُ المحسن ما ليس عليه، ويتعاطى السائل ما ليس له، وما نعلم خالقاً إلاَّ الله، وما سوى الله تعالى مخلوقٌ، والقرآن كلام الله، فانته بنفسك إلى أسمائه التي سمَّاه الله بها فتكون من المهتدين، وذر الذين يُلحِدُون في أسمائه سيُجزون ما كانوا يعملون، ولا تُسَمِّ القرآن باسمٍ من عندك، فتكون من الظالمين، جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مُشفقون.

فهذا فيه إشارةٌ بينةٌ إلى شبهتهم (٢)، وتقدم جوابُها حيث أجبنا على المعتزلة إحالتهم تجرُّد القرآن عن الخلق والقِدَمِ معاً، ومراد الواقفية نحو هذا، وهو أنهم لا يسمونه إلاَّ بما سماه الله أو رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن يوصف بأنه غير مخلوق، كما لم يكُن يوصف بأنه مخلوق (٣) فسكَتُوا عن ذلك، وعن الطائفتين.

فبان بهذا أنه لا يصح التمسك بالنص في تكفيرهم، لا نصِّ الكتاب ولا السنة، ولا الإجماع.

وأمَّا التمسك بأنهم مكذبون لقوله تعالى: {وكلَّم اللهُ موسى تكليماً} [النساء: ١٦٤]، فيُعارِضُه أنهم يُقِرُّون (٤) بكلام الله وتكليمه، ولكنهم يجعلونه مجازاً. وربما قال منهم قائلٌ بصحته على معنى


(١) في (ب): الرسل.
(٢) في (ش): شبههم.
(٣) من قوله: " كما لم " إلى هنا مكرر في (ش)، وفيه: " بأنه غير مخلوق ".
(٤) في (ش): يقولون.

<<  <  ج: ص:  >  >>