للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقدَّم، وذلك عند المكفِّرين لهم يقتضي ردَّ القرآن المعلوم، وتكذيبه، أو يؤول إلى ردِّه وتكذيبه بخلاف قول الظاهرية بحدوث القرآن وجعله، فإنهم لم يُخالفوا في كون الله تعالى متكلِّماً على الحقيقة، وإنما قالوا ما قالوه لقوله تعالى: {ومن قبله كتابُ موسى} [هود: ١٧]، وقوله تعالى: {ما يأتيهم من ذكرٍ من ربِّهم مُحدثٍ إلاَّ استمعوه وهم يلعبون} (١) [الأنبياء: ٢]، وقوله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: ٣]. فقوله (٢): {مُحْدَثٍ} نكرة في سياقِ النفي، وذلك يُفيد العموم، والقرآن ذِكرٌ بدليل قوله تعالى: {وهذا ذكرٌ مباركٌ أنزلناه} [الأنبياء: ٥٠].

واحتجُّوا -أيضاً- بما في فِطَرِ العقول من حدوثِ الأصوات، والحروف المتعاقبة؛ فإنها حجة عقلية ضرورية، وأهل السنة والظاهرية، وإن بعُدُوا من المباحث الكلامية، وبدعوا من خاض فيها، فإنهم (٣) يعنون ما دقَّ الأمر فيه (٤)، ولم يُؤمنْ أن يجُرَّ إلى بدعةٍ، وأما ما كان جلياً، فلا يمنعون من الاحتجاج به، فإنه لا بد من ذلك، ولولا ذلك، ما عرفنا صدق الأنبياء، كما أن المجنون لا يعلم صدق الأنبياء بالسمع.

ولهذا تكلم البخاري، ومسلم، والبيهقي في كتاب " الأسماء والصفات " في مسألة اللفظ بالقرآن والتلاوة له، كما قرر ذلك الذهبي.

وصنف البخاري في أن اللفظ مخلوق كتاب " أفعال العباد " (٥) مع


(١) من قوله: " وقوله تعالى " إلى هنا ساقط من (ش).
(٢) ساقط من (ش).
(٣) في (ش): فإنما.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) ردّ فيه على الجهمية والمعطلة، وقرر فيه عقيدة أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، وأن أفعال العباد مخلوقة، وهو من منشورات مؤسسة الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>