للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثبت أنه لم يزلْ (١).

قلت: هذا يصلحُ حُجَّةً على المعتزلة الذين يمنعون ثُبوته قبل الحاجة إليه (٢)، أما من مَنَعَ القِدَمَ، كقدماء أهل السنة، والظاهرية والواقفية - لم يصلح هذا حجة عليه، وكلامه يُشعِرَ بتفسير الأمر في قوله {لله الأمرُ} بقول الله: {أقيموا الصَّلاة} ونحوه، وليس كذلك، وإنما الأمر هنا مثله في قول القائل: إن صاحب الأمر فلانٌ، أي صاحب الحلِّ والعقد، وهو قريبٌ من معنى الملك.

واحتج البيهقي بقوله تعالى: {مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} [الأعراف: ٥٤] فجعل الخلق مسخراً بالأمر، وبقوله: {أَلاَ لَهُ الخَلْقُ والأمْرُ} [الأعراف: ٥٤] فإن أراد البيهقي الاحتجاج على قدم اللفظ، وعلى من لا يقول به من المعتزلة، وأهل السنة - كالبخاري ومسلمٍ، فضعيفٌ، خصوصاً مع مراعاة القطع بذلك، ولا سيّما متى عُورِضَ بأدلة الحدوث العقلية والسمعية، وقد ذكر الغزاليُّ أنه ضروري -أعني: حدوث اللَّفظ كما تقدم- وعبَّر عن ذلك بأحسن عبارةٍ وأجلاها.

وإن أراد البيهقي قِدَمَ الكلام النفسي، فالخوض فيه من بدَع عِلمِ الكلام، ولا يليق بالسُّنِّيِّ الخوض فيما لا يعرفه كما سيأتي، وكما مضى، مع أن الخلاف فيه يرجِعُ إلى العبارة، فإن المعتزلة لم تنكره، وإنما قالوا (٣): المرجع به إلى العلم، أو إلى الإراده، والله سبحانه عالم في القِدَمِ بالاتفاق، وهو مريدٌ عند الجمهور من المعتزلة، وعند


(١) " الأسماء والصفات " ص ٢٢٨ - ٢٢٩.
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>